20 يوليو 2012

وول ستريت جورنال: وفاة عمر سليمان نهاية لنظام مبارك


رأت صحيفة "وول ستريت جورنال"، الأمريكية، أن وفاة عمر سليمان، نائب الرئيس المصري السابق حسني مبارك، تأتى مع فترة تغيير مضطرب فى مصر، حيث ظل سليمان حيا لفترة طويلة بما يكفى ليشهد تنصيب محمد مرسى رئيسًا، وهو القيادى بجماعة الإخوان المسلمين، التى أمضى سليمان الجزء الأكبر من حياته فى محاولة قمعها.  
واعتبرت الصحيفة أن رحيل سليمان يمثل من نواح كثيرة نهاية مكتملة لنظام الرئيس السابق حسنى مبارك أكثر من تنازل مبارك نفسه عن السلطة فى فبراير عام 2011.
وأشارت الصحيفة إلى أن سليمان كان يعتبر على نطاق واسع أحد أهم شخصيات النظام السابق وكان شخصًا غامضًا فى كثير من الأحيان الذى أدت اتفاقياته مع إسرائيل والحكومات الغربية إلى بقاء نظام مبارك على مدار عقود قبل اندلاع ثورة 25 يناير.
واستعرضت الصحيفة تاريخ عمر سليمان بدءًا من عمله فى المخابرات وحتى صعوده إلى واجهة الأحداث أثناء الثورة باختياره نائبا للرئيس مبارك فى الأيام الأخيرة له فى الحكم.
وأضافت: "سليمان اختفى عن الأنظار لما يقرب من عام بعد سقوط مبارك قبل أن يفجر مفاجأة بإعلان خوضه السباق الرئاسى فى شهر إبريل الماضى، وهى المحاولة التى لم تكتمل لأسباب قانونية".
وأعرب الكثير من النشطاء عن اعتقادهم بأن تلك كانت محاولة من فلول جهاز المخابرات القوى، أغضبت المطالبين بالديمقراطية، الذين اعتقدوا أن سليمان يقود ثورة مضادة.
ويقول عمر عاشور، الزميل بمعهد بروكنجز، إن هذا ما سيذكر به عمر سليمان هو أنه الرجل الذى كان يقود مشروع عودة نظام مبارك.
من جهة أخرى
طالبت الجماعة الإسلامية في مصر بالتحقيق في وفاة اللواء عمر سليمان نائب الرئيس المخلوع رئيس جهاز المخابرات المصرية السابق، مشيرة إلى أنه كان خزينة أسرار نظام مبارك.
وأصدرت الجماعة اليوم الخميس بيانا طالبت فيه بالتثبت من حقيقة وفاة رجل المخابرات اللواء عمر سليمان للكشف عما إذا كانت هذه الوفاة حقيقية طبيعية أم أنها محاولة للإفلات من المحاكمات التى تنتظره، أم أنها تمت للتخلص التام من خزينة الأسرار التى يحملها، مشيرة إلى أنه كان ركنا من أركان نظام مبارك، وتعاون مع دول أجنبية بما يضر بمصالح الشعب المصرى وشعوب أخرى مجاورة، وفقا لصحيفة المصريون.
وأكد الجماعة أن عمر سليمان و أفنى عمره فى خدمته والتستر على جرائمه والتى اتخذت أشكالا عدة من تعذيب إلى تصفية جسدية، وتعذيب مواطنين أبرياء ورعايا دول أخرى بالوكالة لصالح أجهزة مخابرات أجنبية لا تسمح قوانينها ولا أخلاقياتها المزعومة بذلك.
وطالبت بدفنه بعيد عن مظاهر التكريم لأنه لا ينبغى تكريم من أجرم فى حق شعبه وأمته فى حين أن مناضلى الوطن والذين أفنو أعمارهم فى معارضة النظام السابق مازالوا يعانون الحرمان السياسى بسبب معارضتهم النظام الذى كان أحد زبانيته عمر سليمان .
وأكدت أن في وفاته عظة وعبرة لكل من ساهم فى دعم استمرار النظام السابق، تدفعهم للتوبة والخروج من المظالم التى وقعوا فيها قبل حلول الأجل والوقوف أمام الله عز وجل، حيث يحاسبهم على كل صغيرة وكبيرة.
وكانت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية قد أوضحت أن وفاة سليمان جاءت بمثابة مفاجأة، نظراً لعدم وجود أي تقارير مسبقة عن مرضه أو عن ذهابه للولايات المتحدة لتلقي العلاج، مشيرة إلى وجود حالة من التضارب والغموض حول وفاة سليمان، ونقلت الصحيفة عن السفير المصري بالولايات المتحدة، نبيل فهمي، قوله: "أعتقد أن الكثير من الأسرار ستموت معه"، واصفاً عمر سليمان بأنه كان "مهنياً".

الجميع مرتبكون - فهمي هويدي


ثلاث مشكلات تواجه القوى السياسية التي تصف نفسها بالمدنية فى مصر، الأولى أنها قائمة على مجموعة من الأكاديميين والهواة، الثانية أن حضور مؤسسيها على شاشات التليفزيون وفى الفضاء الثقافي والإعلامي أكثر من حضورهم على أرض الواقع. الثالثة أنهم يعرفون ما يخاصمونه ويرفضونه، لكنهم لا يعرفون ما الذى يقبلون به. أعنى أنهم يعرفون ما يريدون هدمه ولكن ليسوا على اتفاق على ما يريدون بناءه.

المشكلة الأولى تشترك معهم فيها التيارات الإسلامية، إذ الجميع حديثو عهد بالممارسة السياسية، صحيح أن التيارات الإسلامية لديها أعداد كبيرة من الدعاة الذين يعتلون منابر المساجد كل أسبوع، فضلا عن أن لهم حضورهم المشهود فى الكثير من المناسبات، لكن الدعاة غير السياسيين، وكل طرف له لغته وأساليبه وجهوده. مع ذلك فليس هناك شك فى ان الجماعات السياسية الأخرى التى برزت بعد الثورة كانت جاذبة لأعداد كبيرة من الأكاديميين من ذوى التوجه العلمانى واليسارى، إلى جانب العناصر العلمانية الأخرى بين المثقفين والفنانين. وهؤلاء وهؤلاء انخرطوا مع جموع الثوار واندفع بعضهم باتجاه الاصطفاف الذى أفرز الاستقطاب الحاصل. وكان الهواة فى الصف الأول منه. ولأنهم جدد فى الساحة فقد كانوا الأكثر تطرفا والأقل استعدادا للحوار أو التلاقى مع الآخرين. وذلك جانب فى الصورة يهدد بتعطيل الاجماع الوطنى.

المشكلة الثانية من مخلفات النظام السابق الذى قام بتجريف الساحة السياسية ولم يسمح لأى فصيل سياسى ان يعمل وسط الجماهير إلا بإذن منه. فى ذات الوقت فإنه كان يؤثر تحويل الأحزاب إلى مجرد «ديكور» يتم التجمل به، الأمر الذى أحدث فراغا هائلا بعد سقوط النظام، حيث اكتشفنا أن ذلك البلد الكبير لا توجد به أحزاب حقيقية، وحين دخلنا فى طور الترشح للانتخابات صارت شاشات التليفزيون هى الساحة الوحيدة التى يتنافس عليها السياسيون. وترتب على ذلك ان الناس شاهدوا صور اللاعبين السياسيين واستمعوا إلى كلامهم، لكنهم لم يختبروهم فى أى وقت. ولم يصادفوهم على أرض الواقع، فى الوقت الذى كانت التيارات الإسلامية لها معاقلها وفى مقدمتها المساجد، إضافة إلى الجمعيات الخيرية التى ظلت تديرها، غير ما تيسر من الأنشطة الخدمية الأخرى. وقد أثبتت التجربة أن الذين يعيشون مع الناس يظلون أقرب إلى قلوبهم عن أولئك الذين يرونهم على شاشات التليفزيون. وهو ما يفسر ضمن أسباب أخرى. حصول الإسلاميين من إخوان وسلفيين على أكثر من 70٪ من مقاعد مجلسى الشعب والشورى، فى حين كانت حصة المجموعات السياسية الأخرى متواضعة فى تمثيلها. وما يلفت النظر فى هذا السياق أن تلك الجماعات السياسية مازالت متحصنة ببقائها فى القاهرة، ومكتفية بالحضور فى الفضاء التليفزيونى. ولم تلحظ لها جهدا يذكر فى التلاحم مع الناس، علما بأن هؤلاء وغيرهم لاتزال أمامهم فرصة واسعة للنزول إلى الشارع وإعداد أنفسهم للمشاركة فى انتخابات المجالس المحلية، التى تمكنهم من إثبات جدارتهم بالتفاعل مع المجتمع، وهو الاختيار الذى إذا نجحوا فيه فإنه يمهد الطريق أمامهم لكسب ثقة الناس وإقناعهم بأنهم حقا «خير من يمثلهم». الأمر الذى يمكنهم من منافسة التيارات الإسلامية فى الساحة التى استأثروا بها طويلا.

المشكلة الثالثة معقدة لأنه من الواضح حتى الآن أن تلك الأحزاب المدنية لا يجمع بينها سوى معارضة التيار الإسلامى أو كراهيته من قبل البعض، وفيما عدا ذلك فقلوبهم شتى، إذا استخدمنا المصطلح القرآنى. وقد أبرز الدكتور سامر سليمان هذه النقطة فى مقاله الذى نشرته له جريدة «الشروق» يوم الأحد الماضى 8/7، إذ تحدث عن اصطفاف تلك المجموعات فيما سموه التيار الثالث، وذكر أن مؤسسيه مختلفون حول فكرته. فمن قائل إنه وسط بين الإخوان والعسكر وكأنه كيان يفصل بينهما فقط. وقائل إنه ضد الاثنين، وقال ثالث ان التكتل ليس ضد التيار الإسلامى فى حين أن ذلك وحده ما يجمع بين الشيوعيين والعلمانيين المشاركين فى التكتل. الرابع قال انه تحالف مدنى اجتماعى مع ان أحد أبرز أركانه اعتبره حزبا رأسماليا.. وهكذا. وقد علق الكاتب على هذه الصورة بقوله انها مجموعة «كسيحة» من الناحية السياسية.

الصورة ينبغى ألا تكون مصدرا للإحباط واليأس، لأنها تعكس حالة الارتباك المتوقعة فى بداية تأسيس النظام الديمقراطى. وفى مرحلة كهذه لا ينبغى أن تتوقع نشوء أحزاب جديدة كاملة الأوصاف. وإنما يتعين علينا أن نصبر بعض الوقت لكى تتيح لمختلف القوى السياسية ان تصوب مسارها بما يسمح للجماعة الوطنية بأن تنضج مشروعها وتتماسك لتسهم بشكل جاد فى تأسيس النظام الديمقراطى الجديد، ومن ثم تنشغل بمستقبل الوطن بدلا من الاستغراق فى التجاذبات الراهنة التى تعطل التقدم فى ذلك الاتجاه.