30 أغسطس 2010

ألا بذكر الله تطمئن القلوب

بسم الله الرحمن الرحيم


أهمية أسماء الله الحسنى


- أولاً : (( الأسماء الحسنى من أعظم أسباب دخول الجنة )) :

لمن عرفها وآمن بها وأدَّى حقَّها . فعن أبي هريرة (( رضي الله عنه )) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لله تسعةٌ وتسعون اسمًا مائة إلاَّ واحدة لا يحفظها أحدٌ إلا دخل الجنة )) . وفي رواية : (( من أحصاها دخل الجنة )).

- ثانيًا : الأسماء الحسنى تعرِّفك بالله عزَّ وجلَّ :
عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد ، انسب لنا ربك ، فأنزل الله تعالى : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ }.

- ثالثًا : معرفة الأسماء الحسنى أصل عبادة الله تبارك وتعالى :


قال أبو القاسم التيمي الأصبهاني في بيان أهمية معرفة الأسماء الحُسنى : قال بعض العلماء : أول فرض فرضه اللهُ على خلقه معرفته ، فإذا عرَفه الناس عبدوه ، وقال تعالى : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ } [ محمد : 19 ] .

فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها ، فيعظموا اللَّه حقَّ عظمته .
قال : ولو أراد رجل أن يتزوج إلى رجل أو يُزَوِّجه أو يُعامله طلب أن يعرف اسمه وكنيته ، واسم أبيه وجدِّه ، وسأل عن صغير أمره وكبيره ، فاللَّه الذي خلقنا ورزقنا ونحن نرجو رحمته ونخاف من سخطته – وله المثل الأعلى - أولى أن نعرف أسماءه ، ونعرف تفسيرها . اهـ .


فمثلا : من عرف أنه حييُّ كريم قوي فيه رجاؤه وازداد فيه طمعه ، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( إن ربكم تبارك وتعالى حَييٌّ كريم يستحي مِن عبده إذا رفع يديه إليه أن يردَّهما صفرًا )).




- رابعًا : الأسماء الحسنى أعظم الأسباب لإجابة الدعاء :
قال تعالى : { وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا } [ الأعراف : 180 ] .
فدعاء الله بأسمائه الحسنى هو أعظم أسباب إجابة الدعوة وكشف البلوة ، فإنه يرحم ؛ لأنه الرحمن ، الرحيم ، ويغفر ؛ لأنه الغفور ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل اللَّه بأسمائه الحُسنى ويتوسل إليه بها ، فكان يقول : (( أسألك بكل اسم هو لك ، سمَّيت به نفسك ، أو علَّمته أحدًا من خلقك ، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ؛ أن تجعل القرآن ربيع قلبي ... )) .


وقد دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المسجد ، فسمع رجلاً يقول : اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت اللَّه لا إله إلا أنت ، الأحد الصمد الذي لم يَلد ولم يُولد ولم يكن له كفوًا أحد .


فقال : (( لقد سألت اللَّه بالاسم الذي إذا سُئِل به أعطى ، وإذا دُعي به أجاب )) .


وفي رواية فقال : (( والذي نفسي بيده ، لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعِي به أجاب ، وإذا سُئِل به أعطى )) .


وفي رواية لأحمد : أنه سمع رجلاً يقول بعد التشهد : اللهم إني أسألك يا اللَّه الأحد الصمد ، الذي لم يَلد ولم يُولد ولم يكن له كفوًا أحد أن تغفر لي ذنوبي ، إنك أنت الغفور الرحيم .


فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( قد غُفِرَ له ، قد غُفِرَ له )) . ثلاثًا.

- خامسًا : إن اللَّه يحب من أحب أسماءَه الحسنى :


عن عائشة رضي اللَّه عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سَريَّة ، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم ، فيختم بـ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ،


فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : (( سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ )) فسألوه ، فقال : (( لأنها صفة الرحمن ، وأنا أحبُّ أن أقرأ بها )) .


فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أخبروه أن الله يحبه )) .


وفي حديث آخر ، قال الرجل : إني أحبها . فقال : (( حُبُّك إياها أدخلك الجنة )).


- سادسًا: دعاء اللَّه بأسمائه الحسنى أعظم أسباب تفريج الكروب وزوال الهموم:

عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( ما أصاب أحدًا قط همٌ ولا حزنٌ ، فقال : اللهمَّ إني عبدك ، ابن عبدك ، ابن أَمتك ، ناصيتي بيدك ، ماضٍ فيَّ حكُمك ، عدلٌ فيَّ قضاؤُك ، أسألك بكل اسم هو لك ، سميَّت به نفسك ، أو علَّمته أحدًا من خلقِك ، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيبِ عندك ، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي ، إلا أذهب اللَّه همَّه وحزنه وأبدل مكانه فرحًا )) . فقيل : يا رسول اللَّه ، أفلا نتعلمها ؟ فقال : (( بلى ينبغي لكل من سمعها أن يتعلمها )) .


وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول : لا إله إلا اللَّه العظيمُ الحليمُ ، لا إله إلا الله ربُّ السماواتِ والأرضِ ورب العَرشِ العظيم .
وفي رواية للنسائي وصححها الحاكم عن علي: لقنني رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات وأمرني إن نزل كرب أو شدة أن أقولها.


- سابعًا : العلم بالأسماء الحسنى أصل كل شيء :


قال تعالى : { هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ } [ الحديد : 3 ] .


وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( اللهم أنت الأول ، فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ... )) .


فإن اللَّه هو الأول فلم يسبقه شيءٌ ، وكل شيء دونه إنما هو من خلقه ومن ثمرة أفعاله ومن آثار أسمائه وصفاته .
قال ابن القيم رحمه اللَّه : وكما أن كل موجود سواه فبإيجاده ، فوجود من سواه تابع لوجوده ، تبع المفعول المخلوق لخالقه ، فكذلك العلم بها أصل للعلم بكل ما سواه ، فالعلم بأسمائه تبارك وتعالى وإحصاؤها أصل لسائر العلوم ، فمن أحصى أسماءَه كما ينبغي للمخلوق أحصى جميع العلوم ؛ إذ إحصاء أسمائه أصل لإحصاء كل معلوم ؛ لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها.

ومن أمثلة ذلك :


الأصل في الخلق أن اللَّه هو(( الخالق )) ، فلا يوجد خلقٌ غير خلقه ، ولا يوجد خالق سواه . قال تعالى : { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } [ الرعد : 16 ] .


والأصل في الرزق أن اللَّه هو الرزَّاق . قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } [ الذاريات : 58 ] . فهو الرزَّاق ولا رازق سواه ، وكل رزق إنما هو رازقه ، وما من عطاءٍ إلا وهو الذي أعطاه ، قال تعالى على لسان نبيه موسى : { رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } [ طه : 50 ] .


والأصل في الرحمة أن اللَّه تبارك وتعالى هو الرحمن والرحيم ، فكل رحمة مشتقة من رحمته ، فها هي الرحم قد اشْتق اسمها من اسمه الرحمن ، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى أنه قال : (( أنا الرحمن وهي الرحم شققت لها اسمًا من اسمي ... )) .


والأصل في المغفرة أن اللَّه هو الغفار ، والغفور ، قال تعالى : { وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ }[آل عمران:135].


وكل عفوٍ ومغفرة إنما يكون من مغفرة اللَّه وعفوه ، وهو الذي علَّم عباده كيف يعفون ويغفرون .


قال تعالى: { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبـُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ } [ النور : 22 ].






- ثامنًا: معرفة اللَّه بأسمائه وصفاته هي أصل خشيته تبارك وتعالى :

إن العلم بأسماء الله جل ثناؤه وصفاته ومعرفة معانيها يُحْدِثُ خشية ورهبة في قلب العبد ، فمن كان بالله أعرف فهو منه أخوف ، ومن كان به أعلم كان على شريعته أقوم ، قال تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [ فاطر : 28 ] .


قال ابن جرير الطبري في تفسير الآية : إنما يخاف اللَّهَ فيتقي عقابه بطاعته العلماءُ بقدرته على ما يشاء من شيء وأنه يفعل ما يريد .


وقال ابن مسعود رضي اللَّه عنه : ليس العلم عن كثرة الرواية ، ولكن العلم الخشية ، { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [ فاطر : 28 ] .


ولذلك فقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أشد الناس خشية للَّه تبارك وتعالى ؛ لأنه كان أعلم الناس به ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أنا أعلمكم باللَّه وأشدكم له خشية )) .


وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم : (( إن أتقاكم وأعلمكم باللَّه أنا )) .


فمعرفة الله عز وجل أساس تعظيمه وخشيته وأعظم أسباب البعد عمَّا يغضبه . فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن اللَّه أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض وعنقه مثنية تحت العرش وهو يقول : سبحانك ما أعظمك ربَّنا ، فيُرد عليه : لا يعلم ذلك من حلف بي كاذبًا )) .


أي : لو عَلِمَ الحالفُ باللَّه كذبًا عظمة اللَّه جل جلاله لخَشِيَه واتقاه وما اجترأ على هذا الفعل وأمثاله


من عرف الاسماء الحسنى كما ينبغى عرف كل شىء
أيها الأحبة في اللَّه ، إن أسماء اللَّه الحسنى كلها حُسن وبركة ، ومن حُسنها أنها تعرفك بكل شيء على حقيقته من غير إفراطٍ ولا تفريط . فمن عرف أن اللَّه عزَّ وجلَّ هو الخالق ، عرف أن كل ما دونه مخلوق ، قال تعالى : { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } [ الرعد : 16 ]
ومن عرف أن اللَّه عز وجل هو الرزاق علم أن كل ما دونه مرزوق ، قال تعالى : { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا } [ هود : 6 ] ، وكذلك يعلم أنه لا يملك الرزق سواه ، قال تعالى : { وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ } [ النمل : 64 ]

ومن عرف أن اللَّه تبارك وتعالى هو الملك ، عرف أن كل ما دونه مملوك ، قال تعالى : { وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } [ المائدة : 17 ] .



ولذلك قيل : مَن عرف ربه فقد عرف نفسه .


فمن عرف ربه بالغِنى ، عرف نفسه بالفقر . قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } [ فاطر : 15 ] .

ومن عرف ربه بالبقاء عرف نفسه بالفناء.قال تعالى: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ}[الرحمن:26،27].



ومن عرف اللَّه بالعلم ، عرف نفسه بالجهل ، قال تعالى : { وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [ البقرة : 216 ] .
وحين ركب الخضر مع موسى عليهما السلام السفينة ، نظر إلى عصفور قد نقر في البحر نقرة أو نقرتين ، فقال الخضر لموسى (( عليهما السلام )) : (( ما علمي وعلمك من علم اللَّه إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر )) .
فمن عرف اللَّه عزَّ وجلَّ بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى ، علم أنه بالكمال موصوف ، وبالإحسان والجمال والجلال معروف ، وعرف أيضًا نفسه بكل نقص وعيب ، إلا أن يرزقه الله عز وجل كمال الإيمان وصالح الأعمال فيورث له ذلك عبودية صادقة بالانكسار بين يدي الجبار تبارك وتعالى ، فيذل لعزته ويخضع لقوته .



وهذا هو دأب الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..


فها هو رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتعبد لربه بذلك فيقول : (( اللهم أنت ربي ، لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ... )) .
فلما عرف أن اللَّه هو ربه وإلهه وخالقه ، عرف نفسه بعبوديته له ، فقال: (( وأنا عبدك ... )) . وقال أيضًا في دعاء الاستخارة : (( فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ... )) .







- عاشرًا : حسن الظن باللَّه عز وجل :


ويُعد حسن الظن باللَّه تعالى ثمرة للفضيلة السابقة . فمن عرف غِنى الله وفقر خلقه ، وقدرة اللَّه وعجز خلقه ، وقوة اللَّه وضعف خلقه ، عرف مقدار افتقار الخلق لغنى الله ، وضعفهم لقوته ، وتواضعهم لعظمته ، وذلتهم لعزته ، تبارك وتعالى .



فإذا تبين له ذلك على الحقيقة فسيُعظِّم اللَّهَ وحده ويخافه ويصبح عبدًا له وحده ، فمن دخل قلبه اليقين على قدرة اللَّه ، خرج منه اليقين على قدرة الخلق ، ومن خشي اللَّه تبارك وتعالى خرجت من قلبه خشية مَنْ سواه ، فورث له ذلك حسنَ ظنه باللَّه عز وجل واعتصام به دون سواه وتوكل عليه دون غيره وسلم له في كل أمره ،
وهذا بعينه ما حدث لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصاحبه رضي الله عنه في الغار حين أحاط بهم المشركون ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : لو نظر أحدهم أسفل قدميه لرآنا ، فقال عليه الصلاة والسلام : (( ما ظنك باثنين اللَّه ثالثهما )).







- الحادية عشرة : لا يضر مع اسم اللَّه شيء :

ومن فضائل أسماء اللَّه الحُسنى أنها يُستجلب بها الخير ويستدفع بها الشر. فاسم اللَّه يدفع الضرر ويرفعه.



فعن عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه قال : سمعت رسول اللَّه ( عليه الصلاة والسلام ) يقول : (( ما من عبدٍ يقول في صباح كل يوم ، ومساء كل ليلة : بسم اللَّه الذي لا يضر مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ، ثلاث مرات فيضره شيء )).


- الثانية عشرة : الأسماء الحسنى وأثرها في الحلال والحرام :



ولم تقتصر فضائل الأسماء الحسنى وبركتها على حياة القلوب وتفريج الكروب ، بل وكذلك كان لها أعظم الأثر في الفقه ، فترى أن ذكر اسم اللَّه على شيء قد يفرق بين الحلال والحرام . فأحلّ اللَّهُ عز وجل الذبيحة التي ذُكِر اسمُه عليها ، بل وأمر بالأكل منها . قال تعالى : { فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ } [ الأنعام : 118 ] . وعاتب من لا يأكل مما ذكر اسم اللَّه عليه ، قال تعالى : { وَمَا لَكُمْ أَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } [ الأنعام : 119 ] .
وعن عدي بن حاتم قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم قلت : أُرسِلُ ****ي المعلمة ؟ قال : (( إذا أرسلتَ ****َك المعلمةَ وذكرتَ اسم اللَّه فأمسكن فكُل )) .



وقد نهى عن أكل اللحم أو الصيد الذي لم يُذكر اسمُ اللَّه عليه ، قال تعالى : { وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } [ الأنعام : 121 ] .

- الثالثة عشرة : العلم بأسماء اللَّه الحسنى أعظم العلوم وأشرفها :



إن أشرف العلوم هي العلوم الشرعية ، وأشرف العلوم الشرعية هو العلم بأسماء اللَّه الحسنى ، وصفاته العُلى ؛ لتعلقها بأشرف من يمكن التعلم عنه ؛ وهو اللَّه سبحانه وتعالى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى : والقرآن فيه من ذكر أسماء اللَّه وصفاته وأفعاله ، أكثر مما فيه من ذكر الأكل والشرب والنكاح في الجنة ، والآيات المتضمنة لذكر أسماء اللَّه وصفاته أعظم قدرًا من آيات المعاد .



فأعظم آية في القرآن آية الكرسي المتضمنة لذلك - أي لأسماء الله وصفاته - كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأُبي بن كعب : (( أَتَدري أي آية من كتاب اللَّه معك أعظم ؟ )) . قال : قلت : { اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } [ البقرة : 255 ] )) . قال : فضرب في صدري وقال : (( واللَّه ليهنك العلم أبا المنذر )).



وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم من غير وجه أن { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } تعدل ثلث القرآن.

- الرابعة عشرة : بركة الأسماء الحسنى في المعيشة :



قال تعالى : { تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ } [ الرحمن : 78 ] .


ومن بركة الأسماء الحسنى أن الشيطان لا يقرب ما ذُكر عليه اسمُ الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء )) .


وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( قال إبليس : يا رب ، ليس أحدٌ من خلقك إلا جعلت له رزقًا ومعيشة ، فما رزقي ؟ قال : ما لم يُذكرعليه اسمي )).


- الخامسة عشرة : بركة الأسماء الحسنى تلحق الذرية :



فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه ابن عباس رضي اللَّه عنهما : (( لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله فقال : بسم اللَّه ، اللهمَّ جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يُقَدَّر بينهما ولدُ في ذلك لم يضره شيطان أبدًا )) .

- السادسة عشرة : أسماء اللَّه أعظم أسباب شفاء :



فإن اللَّه تبارك وتعالى هو خالق البدن ويعلم دائَه ، وبيده وحده شفاؤه ، ودواؤه ، وخير دواء ، وأعظم شفاء هو أسماء اللَّه عز وجل ، ولذلك حين عاد جبريل عليه السلام رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم في مرضه لم يجد سببًا للشفاء خيرًا من أن يرقيه باسم اللَّه عز وجل .


فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، أشتكيت ؟ قال : (( نعم )) . قال : (( بسم اللَّه أرقيك ، من كل شيءٍ يؤذيك ، ومن شر كل نفس أو عين حاسد ، اللَّه يَشْفِيك ، بسم اللَّه أرقيك )) .

- السابعة عشرة : النجاة من الوسوسة :



فمن عرف الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى ثبت إيمانه وصدق يقينه ، فكان لمجاهدة الشيطان أشد وعلى دفع الوساوس أقوى .


فعن أبي زميل قال : سألت ابن عباس ، فقلت : ما شيءٌ أجد في صدري؟ قال : ما هو ؟ قلت : واللَّه ما أتكلم به ، قال : فقال لي أشيءٌ من شك ؟ قال : وضحك ، قال : ما نجا من ذلك أحد . قال حتى أنزل الله عز وجل : { فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ } الآية [ يونس : 94 ] ، قال : فقال لي : (( إذا وجدت في نفسك شيئًا ، فقُل : { هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [ الحديد : 3 ] ))












ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق