03 سبتمبر 2010

كنيسة دوف واستفزاز جديد حول "حرق القرآن الكريم"



رغم التحذيرات المتكررة من تفجر التوتر بين المسيحيين والمسلمين في كافة أنحاء العالم إن تم تنفيذ الحملة المشبوهة وفي تأكيد جديد على أن موجة العداء المتصاعدة ضد الإسلام في أمريكا هي مخططة ومدروسة وليست مرتبطة بالجدل حول بناء مسجد قرب موقع هجمات 11 سبتمبر ، أعلنت "كنيسة دوف التبشيرية" في منطقة "جينشفيل" بولاية فلوريدا في 25 أغسطس / آب أنها قررت الاستعانة بميليشيا مسلحة متطرفة لحماية ما أسمته بـ "اليوم الدولي لحرق القرآن" .

وجاء في بيان للكنيسة التي سبق ودعت إلى تنظيم حملة لحرق "القرآن الكريم" في ذكرى إحياء هجمات 11 سبتمبر أن "جناح اليمين المتطرف" وهي منظمة مسيحية مسلحة ستتولى حماية الكنيسة أثناء مراسم الحرق .
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، بل إن الكنيسة واصلت استفزاز الجميع عبر التأكيد أنها تستضيف هذا "الحدث التاريخي" لإحياء ذكرى ضحايا هجمات 11 سبتمبر واتخاذ موقف معادي للإسلام ، موضحة أنها بدأت الترويج للحملة من خلال موقعها الإلكتروني وصفحتها على موقع "الفيسبوك" .
وأضاف القس المشرف على الحملة المشبوهة تيري جونز في هذا الصدد أنه قبل عرض "الجناح اليميني المتطرف" وسيقوم ما بين 500 إلى ألفين من عناصر الميليشيا المدنية المسلحة بحماية مقر الكنيسة في 11 سبتمبر.
وكانت شرارة الحملة العنصرية السابقة بدأت في 30 يوليو / تموز الماضي عندما فوجيء العالم بكنيسة "دوف" وهي كنيسة محلية في ولاية فلوريدا الأمريكية وهي تدعو إلى حرق "القرآن الكريم" علنا في ذكرى هجمات 11 سبتمبر .
وسرعان ما خرج القس تيري جونز المشرف على الكنيسة بتصريحات عنصرية شن خلالها هجوما على الإسلام ، قائلا :" إنه ليس ديناً سماوياً بل هو من نتاج الشيطان وإن المؤمنين به سيذهبون إلى النار ، الإسلام من نتاج الشيطان وهو يتسبب بدفع مليارات البشر إلى جهنم ، إنه دين مخادع وعنيف ".
وتابع القس المتطرف أنه سيقوم في ذكرى هجمات سبتمبر بتنظيم حملة لحرق القرآن حول العالم ، ورغم أن جونز كان أصدر كتاباً يحمل عنوان "الإسلام من الشيطان" وهو يبيع في كنيسته تذكارات من أكواب وقمصان ومواد أخرى كتب عليها العبارة السابقة ، إلا أن توقيت إعلانه عن حملة حرق "القرآن الكريم" لا يخلو من مغزى واضح وهو التغطية على الفضائح الجنسية في عشرات الكنائس الكاثوليكية .
صحيح أن البعض حاول الربط بين تصريحات جونز والجدل المحتدم داخل أمريكا حاليا حول موافقة المجلس المحلي لمدينة نيويورك مؤخرا على طلب تقدمت به منظمة إسلامية أمريكية لبناء مسجد مجاور للموقع المعروف باسم "جراوند زيرو" حيث كان يرتفع برجا مركز التجارة العالمي قبل أن ينهارا إثر هجمات 11 سبتمبر ، إلا أن المتابع للتطورات داخل أمريكا يلمس بوضوح أن هناك حملة مخططة للهجوم على الإسلام .


إعلانات دعائية

فقد كشفت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية في 29 يوليو أن كبريات المدن بالولايات المتحدة تشهد حملة دعائية معادية للإسلام تتخذ من حافلات المواصلات العامة وسيلة للترويج لأفكارها وإذكاء جدل حول مكانة الإسلام في المجتمع الأمريكي.

وأضافت الصحيفة أن جماعة تطلق على نفسها اسم "أوقفوا أسلمة أمريكا" بدأت بإلصاق إعلانات دعائية في حافلات نقل الركاب العامة في المدن الكبرى تحث فيها المسلمين على الردة عن دينهم .
ومن الشعارات التي تحملها الملصقات الدعائية في الحافلات وتدعو المسلمين للارتداد عن دينهم " "هل أنت مستعد لتحمل فتوى ضدك؟" و"هل أسرتك أو جماعتك تهددك؟" و"هل تركت الإسلام؟" .


ما سبق يؤكد أن هناك مؤامرة يتم تنفيذها بخطوات مدروسة لإثارة فزع الأمريكيين من الإسلام بعد تراجع مرتادي الكنائس وتزايد اعتناق الإسلام .
فمعروف أن الفضائح الجنسية لم تعد تقتصر على كنائس أوروبا والولايات المتحدة فقط وإنما طالت أيضا أروقة الكنيسة الأم ذاتها ، حيث كشفت قناة "راي 24 " التليفزيونية الإيطالية مؤخرا أن الفاتيكان يواجه أزمة داخلية منذ سنوات على خلفية تورط عدد من رجال الكنيسة في جرائم اغتصاب لعشرات الأطفال والقصر من أبرزهم القس جاميلي المقرب من بابا الفاتيكان والمعروف عنه نشاطاته التبشيرية ، حيث يشرف على حوالي 267 جميعة تبشيرية في العالم .


وفي السياق ذاته ، كشفت صحيفة " لاريبيبليكا " الإيطالية أن الاعتداءات الجنسية والتي تورط فيها حوالي 4 آلاف كاهن وقسيس وكاردينال لم تعد تقتصر على الأطفال والقصر من النساء فقط ، بل شملت أيضا الراهبات ، حيث قام بعض القساوسة والأساقفة في الكنائس الكاثوليكية بالاعتداء الجنسي على الراهبات واغتصابهن وإجبارهن بعد ذلك على الإجهاض لمنع الفضيحة ، وشمل ذلك 23 دولة منها : الولايات المتحدة والبرازيل والفلبين والهند وإيطاليا وحتى داخل الكنيسة الكاثوليكية "الفاتيكان" نفسها.


هجوم البابا
ويبدو أن نشر الرسوم المسيئة في 2005 وهجوم بابا الفاتيكان بينديكت السادس عشر المتواصل على الإسلام منذ 2006 كان يهدف بالأساس للفت انتباه مرتادي الكنيسة بعيدا عن الفضائح السابقة من ناحية وللحد من اعتناقهم الإسلام من ناحية أخرى ، ولعل هذا ما ظهر واضحا في مقابلة نشرتها صحيفة " لاريبيبليكا " الايطالية مع بطريرك البندقية الكاردينال أنجلو سكولا وقال خلالها بكل صراحة وهو يعلق على الفضائح الجنسية إن الحرب على الإسلام تتصدر أعمال أجندة البابا ، مؤكدا أن هذا الموضوع يعد بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية ولأوروبا أهم قضية في القرن الحادي والعشرين.
وهناك أيضا تصريحات البابا نفسه ، حيث دعا في 17 مايو 2008 إلى ضم كل البشر إلى المسيحية، واصفا هذا الأمر بـ "الواجب" و"الحق الثابت" بالنسبة إلى الكنيسة وكل مؤمن بالمسيح.
تلك الدعوة - التي تضع أمام المسيحيين فى العالم أجمع مبررات شن الحرب ضد العالم الإسلامي - لم تكن الأولى من نوعها ، فهو خرج على العالم في 2006 أيضا بتصريحات غريبة شن خلالها هجوما حادا على الإسلام وزعم أنه انتشر بحد السيف ، قائلا خلال محاضرة ألقاها بجامعة ريجنزبورج بألمانيا في 12 سبتمبر 2006 :" إن العنف ونشر الدعوة بحد السيف يكمن في بنية وأسس العقيدة الإسلامية "، وهو ما اعتبر حينها مباركة للحروب الاستباقية التي يشنها المحافظون الجدد في الولايات المتحدة ، فطالما أن "العنف " هو جوهر العقيدة ، على حد زعمه ، فسيظل يفرز "إرهابا" بشكل دائم وبالتالي لاغنى عن مثل تلك الحروب.
والخلاصة أن تصاعد حملة الإساءة للإسلام في أمريكا وأوروبا غير بعيد عن مسلسل الفضائح الجنسية لعشرات القساوسة والأساقفة الكاثوليك والذي تسبب في تراجع مرتادي الكنائس من ناحية وتسارع وتيرة اعتناق الإسلام في عقر دار الغرب نفسه من ناحية أخرى .






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق