25 أكتوبر 2011

شاليط :سأفتقد شرفاء حماس فقد أكرموني و أكدوا أنهم لا يقتلون الأسير مهما حدث




أخلاق الآسرين .. وشهادة الأعداء / بقلم :هاني جريشة
مكثت فجرا أتأمل مجريات الاحداث على الساحة العربية، وتناقشت مع احد الاصدقاء حول ايهما اجدى في الحرب.. الاسر ام القتل ؟؟ فمال رأي صديقي نحو القتل معللا ذلك بأنه يحسم الموقف ويشفي صدور المؤمنين.. لكني خالفته الامر بأن الاسر له مكاسب وربحا قد يكون اقوى من القتل وعلى رأسها، انه يمكنك من اذلال عدوك ويضعفه امامك، ويعطي لك الفرصة في التفاوض والحصول على حقك المسلوب رغم انف عدوك، اضافة الى انه يدفع بك الى صدارة المشهد اذا قمت بعملية الاسر ونجحت فيها وتفاوضت حولها.
فثوار ليبيا بالرغم من نجاح ثورتهم وقدرتهم على استعادة بلادهم من براثن الطاغية الهالك معمر القذافي الا انهم بسبب قلة خبرتهم العسكرية وغياب حنكتهم السياسية، سيطرت حالة الفوضى والبلبلة عليهم وقت اعتقال القذافي مما ترتب عليه ظهور الصورة بأنهم يقومون بتعذيبه وهو واقع في الاسر لديهم، اضافة انهم قتلوه بعد اسره وان هذا الامر قد يحلهم الى المحاكم الدولية، فضلا عن امكانية خروج بعض الدعاة يستنكرون قتله وهو في الاسر،
 نحن لا ننكر طغيان القذافي وكيف دمر شعبه ولا ننكر نجاح الثورة الليبية في الاطاحة به لكن غياب حنكة الثوار قد يقلب الطاولة عليهم.
لكن بالانتقال الى 
مشهد اخر اكثر حنكة ودراية سياسية وعسكرية نرى ان فصيلا فلسطينيا كحركة حماس استطاع خلال خمسة اعوام ادارة صراع عملية صفقة الاسرى وتوقيع اتفاقية تبادل بالجندي المأسور لديها جلعاد شاليط بنجاح شهد له العالم اجمع بم في ذلك اوساطا سياسية اسرائيلية.
فعلى مدار ما يزيد من خمس سنوات نجحت حماس في اخفاء شاليط والاحتفاظ به حيا، ولم تستطع اسرائيل بكل ما تمتلكه من جواسيس وعملاء واجهزة استخبارتية واجهزة تجسس متقدمة وتكونولجيا الاتصالات لديها ان تتوصل الى مكان الجندي الصهيوني.. بل انها عمدت الى الحرب وفرض الحصار على قطاع غزة وتدمير البنى التحتية في القطاع للحصول على معلومة واحدة حول جنديها الا انها لم تحصل على شيء ونجحت حماس في التفاوض على المعلومات حول شاليط بأن قامت بتدبير صفقة تقضي باخراج الف اسيرة مقابل شريط مصور لشاليط يدل على انه مازال على قيد الحياة، ثم نجحت مؤخرا في عقد صفقة برعاية مصرية للافراج عن الجندي مقابل 1027 اسير واسيرة وابهرت العالم كله بنجاح الصفقة وارغمت اسرائيل على قبولها واذلال العدو الصهيوني وكسر انفه.
لكن ما اثار دهشتي واعجابي في الوقت ذاته ان بعد خروج شاليط من اسره يتحدث بشهادة حق حول آسريه فقد نشرت صحيفة يديعوت احرانوت
 عنه انه تلقى معاملة حسنة ممن اسروه، بل أغرب من ذلك قوله: " انه سيفتقد عددا من السجانين اعضاء حماس وسيفتقد طعامهم الشهي، وتفصيلا : قال شاليط :  كنت اقرا الصحف واستمع للإذاعة، وطعامهم شهي، تعلمت عن الاسلام الكثير خلال فترة سجني وقرأت الكتب، احتفظوا بالزي العسكري الخاص بي  ورفضت لبسه وقت الافراج عني ولبست الزي المدني، لم اعذب او يتم ضربي اثناء التحقيق،.. بعد يومين من الاسر ابلغوني اننا لا نقتل الاسير مهما حدث.. و كنت اشم الهواء وأرى الشمس، وعدتهم على ان لا اعود لحمل السلاح ضد الفلسطينيين 
هل يمكن ان يدرك اي عقل ان يشهد العدو لأحد بهذه الاخلاق بأن يشتهي طعامهم ويفتقد تواجده معهم ويتعهد لهم بعدم العودة لحمل السلاح في وجوههم.. ان ما فعلته حماس بأسيرها لهو سحر، نعم لقد سحرتها بأخلاقها حتى انني كنت اظن ان شاليط لو استمر اكثر من ذلك في الاسر لأعلن عن انضمامه لصفوف المقاومة.  لا يمكن لأحد ان يتخيل ان الرجل الثاني في كتائب القسام احمد الجعبري والذي اتهمته اسرائيل بخطف الجندي شاليط وانه الوحيد الذي يعلم مكانه، ان يكون بهذه الدرجة من الحنان على أسراه، حين يمسك شاليط بقبضته اثناء تسليمه للجانب المصري ويطلب له الماء والطعام حتى في الساعات الاخيرة قبيل تسليمه، هل هذا هو القائد العسكري القوي الخشن الذي يرفض ان يخفي وجهه بين العسكريين والمطلوب لدى اسرائيل يتعامل بهذا المنطق..
انها اخلاق الفرسان.. اخلاق تربى عليها هؤلاء القادة ومبادئ نشأوا في ربوعها لتؤكد لهم انه وان كانت الحرب خدعة ويجب اغتنام الفرص فيها الا انها يجب ان تسمو فوقها اخلاق الفرسان.. فتحقيق النصر وحده ليس انتصارا ولكن النصر الحقيقي في ان يشهد لك العدو بالانتصار ويرفع لك القبعة احتراما وتقديرا لأخلاقك.   
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق