08 أكتوبر 2011

أيمن نور يتحدث عن أسرار إغتيال السادات



30 عاماً.. ومازالت للمنصة أسرار


رغم مرور 30 عاماً على حادث المنصة «6 أكتوبر 1981»، مازالت المنصة حبلى بالأسرار التى آن الأوان للكشف عن بعض ألغازها وأسرارها.

السؤال الصحيح ليس هو: من قتل السادات؟! فالأوراق والحقائق الثابتة تؤكد أن قتلة السادات الذين خططوا ونفذوا تلك العملية، صباح السادس من أكتوبر 1981، هم: خالد الإسلامبولى، وعبدالحميد عبدالسلام، وعطا طايل، وحسين عباس، ومحمد عبدالسلام فرج.

السؤال الصحيح هو: مدى تورط أجهزة وقيادات الدولة فى عدم منع تمام وقوع الحادث؟، ومدى علمهم اليقينى بمعظم تفاصيله؟، واتصالهم ببعض العناصر التى أبلغت عن المخطط قبل أيام من وقوعه؟!

المقدم ممدوح محرم حسن أبوجبل هو مفتاح اللغز، والإجابة الشافية للعديد من التساؤلات السابقة، وغيرها من الأسرار التى لم يُكشف عنها بعد فى حادثة المنصة!

المقدم أبوجبل كان ضابطاً بالجيش المصرى، لجأ إليه محمد عبدالسلام فرج- صاحب كتاب «الفريضة الغائبة» – طالباً منه إمداده بإبر ضرب النار، وخِزن بنادق آلية، وخزنة رشاش قصير، وغيرها، وطلب وقتها أبوجبل- الذى لم يكن يعرف عبدالسلام إلا من خلال صديق مشترك– مهلة لتوفير طلباته، بعد أن عرف منه موعد تنفيذ العملية وطبيعتها.

أبوجبل الذى كان يقيم بمنطقة الوراق بالجيزة، ذهب لمقر مباحث أمن الدولة بالجيزة بمنطقة جابر بن حيان، وأدلى بمعلومات تفصيلية عن العملية، وما طلبه منه عبدالسلام فرج، وفى مساء يوم 1 أكتوبر رفع مفتش مباحث أمن الدولة بالجيزة تقريرا عاجلا وسريا للواء النبوى إسماعيل، وزير الداخلية آنذاك، طالباً الرأى والإفادة حول الإجراء الذى يمكن اتخاذه بشأن أبوجبل ومعلوماته.

صدرت التوجيهات يوم 2 أكتوبر بتكليف أبوجبل بمسايرة المجموعة، وطلب مهلة 48 ساعة لتوفير المطلوب الذى تم تسليمه لأبوجبل يوم 3 أكتوبر، بعد إفهامه أن إبر ضرب النار وخزن البنادق والمفرقعات جميعها غير صالح للاستخدام.

أبلغ أبوجبل عبدالسلام بتوفير المطلوب، فأرسل له صالح جاهين ومحمد طارق إبراهيم مستقلين سيارة صفوت الأشوح التى وصلت منزل أبوجبل بعد مغرب يوم الأحد 4 أكتوبر 1981، وتسلموا المطلوب وعادوا لمنزل عبدالسلام فرج أثناء وجود الإسلامبولى، ومعه أسامة قاسم الذى تولى تدريب المجموعة على استخدام القنابل الدخانية واليدوية التى وضعها الإسلامبولى فى حقيبة «سمسونايت» حيث اتجه فى العاشرة مساءً لبوابة الميريلاند للقاء شركائه متجهين إلى مقهى بميدان الإسماعيلية، ومنه إلى أرض المعارض، صبيحة الاثنين 5 أكتوبر 1981.

إبر ضرب النار التى سلمها أبوجبل للمجموعة بعد أن تسلمها من جهات الأمن لم تكن فاسدة، كذلك القنابل اليدوية التى أحدثت النتيجة المطلوبة، وهى قتل الرئيس السادات.

من هنا كان ينبغى أن يكون المركز القانونى لأبوجبل أنه شريك كامل قدم المساعدة فى تمام الجريمة مستحقاً عقاب الفاعل الأصلى! إلا أن قرار الاتهام خلا من وجود أبوجبل نهائياً؟! وتحول أبوجبل لشاهد إثبات، أو شاهد ملك، دون تفسير للأسباب التى منعت الأجهزة والنظام من منع الجريمة التى أرشد عنها أبوجبل كاملة!

سنوات طويلة وأنا أبحث عن أبوجبل، فى محاولة للوصول إلى حقيقة هذا اللغز، دون جدوى، حيث قيل إنه سافر للسعودية ولم يعد إلا مرة واحدة بعد 12 عاماً لحضور عزاء والده بالوراق، حيث مُنعنا من الحديث معه واختفى مرة أخرى.

بعد 30 سنة مضت وانقضت، مازال أبوجبل لغزاً من بين ألغاز كثيرة، واستفهامات كبيرة حول حادث المنصة التى مازالت حبلى بالأسرار..

(دور مبارك فى الاغتيال)

.. مقدم الجيش ممدوح محرم حسن أبوجبل، ليس هو اللغز الوحيد، أو السر الكبير فى حادثة منصة اغتيال السادات يوم 6 أكتوبر 1981.. اللغز فعلاً، هو رد فعل أجهزة الأمن والدولة التى علمت يقيناً بالمعلومات التفصيلية التى أدلى بها أبوجبل لمفتش مباحث أمن الدولة بالجيزة مساء 2 أكتوبر 1981، وبدلاً من بذل الجهد للحيلولة دون إتمام الجريمة، كلفت أبوجبل بمسايرة الجناة وقدمت له الذخائر والأسلحة التى طُلبت منه ليسلمها للجناة، بدعوى أنها غير صالحة!! خلافاً لما ظهر لاحقاً!!
.. شهادة مثيرة، وخطيرة، أدلى بها اللواء النبوى إسماعيل فى حديث تليفزيونى منذ سنوات قريبة قال فيها إنه والدكتور فؤاد محيى الدين رئيس الوزراء، خرجا من مقر مجلس الوزراء قبل الحادث بساعات وجلسا فى إحدى السيارات بالقرب من مجلس الشعب ومعهما نسخة من الدستور، لدراسة ماذا يقرر الدستور حال غياب أو وفاة الرئيس؟!!
وزير الداخلية يبحث مع رئيس الوزراء ماذا لو غاب الرئيس دستورياً؟!! بدلاً من أن يبحث فى إمكانية منع هذا الغياب؟!!
لماذا كان هذا اللقاء «المريب» فى «سيارة» وخارج المكاتب الرسمية؟! وهل كانوا يقرأون الدستور؟ أم الفاتحة على روح الرئيس الذى اعتبروه فى حكم الغائب أو الميت، قبل أيام من عملية اغتياله التى كانت بالكامل تحت أيديهم تفاصيلها؟!
السؤال الأهم، والأكبر، هو مدى اتصال محمد حسنى مبارك نائب رئيس الجمهورية والمسؤول فى هذا الوقت عن الملف الداخلى والأمنى بالعملية؟! هل وصل مبارك من أمن الدولة والداخلية تقرير عن معلومات أبوجبل؟ وما أدلى به من تفاصيل للمخطط؟ وما اتخذ من إجراءات معه وفى مقدمتها تسليمه ما طُلب منه لإتمام الجريمة؟!! هل أبلغ مبارك السادات؟
هل يمكن أن نقبل بأقوال وزير الداخلية التى ادعى فيها أنه أبلغ السادات بوجود مخاطر وتوصيته له بلبس القميص الواقى؟!
هل علم مبارك بتفاصيل اعترافات أبوجبل؟ ولماذا لم يأمر بالقبض على أى من العناصر التى أرشد عنها؟!! ولا تلك التى وصلت إلى منزل أبوجبل – المراقب بالطبع – وتسلمت منه الأسلحة، وعادت بها مباشرة إلى منزل عبدالسلام فرج، الذى سلم الأسلحة للإسلامبولى «الموجود فى منزله» والذى اتجه بها مباشرة إلى بوابة الميريلاند لاصطحاب شركائه متجهين إلى مكان العرض العسكرى دون متابعة من جهات الأمن لهذا كله؟!!
هل عرضت تلك المعلومات على ذلك الاجتماع الذى عُقد ظهر يوم 5 أكتوبر برئاسة اللواء أركان حرب محمد صبرى زهدى والذى حضره رجال الرئاسة وقيادات المجموعة 75 مخابرات حربية والمخابرات العامة وكان هدف الاجتماع تأمين منصة العرض وتسليمها للحرس الجمهورى الذى أنفق على تدريبه لحماية الرئيس 42 مليون دولار فى عام واحد!!
وكيف تمكن أفراد من خارج القوات المسلحة أن يدخلوا منطقة العرض، وهى المحرم دخولها على أى من القيادات العسكرية، أو السياسية خلال الــ 24 ساعة السابقة على العرض؟! وكيف تمكنوا من إدخال أسلحة وذخائر وقنابل يدوية ودخانية لتلك الساحة؟!
وكيف توافق توقيت تحليق الطائرات فوق المنصة مع لحظة تنفيذ العملية؟!
وما هى حكاية الطلقات النارية التى ظهرت فى جثة السادات وأشار تقرير الطب الشرعى إلى أنها رصاصات من يسار وخلف المنصة.
وهو ما يتوافق مع شهادة أحد الضباط أمام النيابة العسكرية والتى أكد فيها أن أحد الجناة كان يطلق الرصاص من مسدس من يسار المنصة وهو السلاح الذى لم يكن ضمن الأسلحة التى استخدمها الإسلامبولى ومجموعته.


.. الصفحة الأخيرة من التقرير الطبى الشرعى عن معاينة جثة الرئيس الراحل أنور السادات تتضمن لغزاً جديداً من ألغاز وأسرار منصة اغتيال السادات..

.. يقول التقرير الطبى نصاً : عيار ثالث أصاب (وَحَشْيُه) خلف أسفل الفخذ الأيسر ونفذ العيار من مقدمة أعلى الرضفة.. وكان الضارب (إلى يسار وخلف الرئيس الراحل، وقت الإصابة)!!
.. السؤال هنا: من كان يسار وخلف الرئيس من الجناة فى أى وقت من أوقات الحادث؟ الإجابة لا أحد منهم!!

.. الأوراق الرسمية نقلاً عن اعترافات الجناة، قالت إن عددهم على مسرح الجريمة هو أربعة، وأن الذين شاركوا منهم فى الهجوم هم أيضاً أربعة لكن شهادات عدد من شهود الواقعة قالت إن العدد خمسة.

.. كان أحد الضباط الذى أدلى بشهادته أمام المحكمة بناء على طلب النيابة العسكرية، أكد أن عدد الجناة خمسة، وأنه شاهد بعينيه واحداً منهم ممسكاً بمسدس!! ويضرب فى المنصة أثناء الهجوم!!

.. والمدهش أن جميع أحراز القضية أكدت أن الأسلحة والذخيرة المستخدمة ليس من بينها مسدسات بل هى بنادق آلية استخدمها المتهمان الثانى والثالث ورشاش قصير استخدمه الإسلامبولى. فأين إذن المتهم الخامس الذى كان يضرب بالمسدس؟!!
.. عندما سأل الدفاع خالد الإسلامبولى عن هذا الشريك الخفى قائلاً: هل كان معكم جندى خامس استخدم مسدساً؟ أجاب الإسلامبولى: نعم وعندما حاولوا معرفة هذا الجندى الخامس قال الإسلامبولى إنه أتى من عند الله!!

.. وحكاية الجانى الخفى تعطى وزناً لتفاصيل أخرى من بينها إصابة ووفاة شخص كان موقعه على الجانب الآخر من المنصة عكس اتجاه تصويب الإسلامبولى ورفاقه.

.. وكذلك شهادة اللواء محمد نبيه السيد واللواء عبدالمنعم واصل محافظ أسوان الأسبق، الذى قرر فى تحقيقات النيابة العسكرية أنه لا يمكنه تحديد عدد الجناة ولا ملامحهم مما تعذر معه تعرفه عليهم أثناء تحقيقات النيابة!!

.. وربما تعطى هذه الرواية معنى مختلفا لاختفاء ملابس الرئيس الراحل من أحراز القضية وكذلك اختفاء الفيلم الذى صورته النيابة لتجسيد مسرح الجريمة وكيفية حدوثها وربط ذلك بالإصابات فى الجثة وهو الفيلم الذى اختفى أيضاً من أحراز القضية وملفاتها.
.. إذا كان المقدم ممدوح أبوجبل هو المتهم الغائب الذى لم يظهر له ذكر مطلقاً إلا فى الصفحة 136 من التحقيقات وبعد 21 يوماً من اغتيال السادات، فهناك أيضاً قاتل خفى لم يظهر بعد!! ومازال سراً من أسرار المنصة الذى لم تفصح عنه الأوراق صراحة حتى الآن ورغم مرور 30 عاماً على حادثة الاغتيال..

.. ستظل المنصة تبوح أحياناً وتضن أحياناً بأسرارها رغم مرور 30 عاماً وهو ما يقتضى منا جميعاً أن نطالب بتحقيق جديد يكشف عن ألغاز المنصة، التى ربما كان وجود مبارك فى الحكم عقبة حقيقية فى فك ألغاز المنصة!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق