07 يناير 2012

حكاية شعب.. تعددت الثورات والنهاية واحدة


عبد الناصر والسادات و مبارك
اليوم السابع
وقف الشعب يوما يهتف مطالبا بحقه فى اختيار حاكمه.. نجح الشعب، وجاء بمحمد على حاكما للبلاد.. ولكنه سرعان ما هدم حلمهم وانقلب عليهم.. لم يستسلم الثوار وقتها وهتفوا باسم زعيمهم عمر مكرم، ضد ديكتاتورية الحاكم المختار.. 

وقف ذات الشعب بعد ثلاثة قرون من الزمن يهتف «يسقط يسقط حسنى مبارك».. وسقط بالفعل وسط إرادة من حديد.. وتسلم العسكر السلطة وطال بقاؤهم فيها.. فعاد الشعب يردد «يسقط يسقط حكم العسكر». 

بين المشهدين السابقين حكايات عديدة لشعب رفض الاستسلام، لتحقيق هدف واحد لم يتغير هو تداول حقيقى للسلطة تعكس حقهم فى الاختيار بنزاهة وشفافية لمن يستحق لقب رئيس البلاد، فى مصر وقعت ثورات متعددة منها ما قام بها الشعب نفسه تحت شعار «كرامة حرية عدالة اجتماعية»، ومنها ما قام بها الجيش وأحدث انقلابا عسكريا، وبورك بتضامن شعبى وقف وراءه إلى النهاية. 

ولكن الثورة التى يقوم بها المخلصون، لا يستفيد بها إلا الانتهازيون، هذه هى النهاية التى أغلقت بها ستائر المسرحية الثورية فى مصر، وشهدت فصولها أحداثا درامية كان البطل فيها هو من يصعد على قمة الثورة، ويفوز بالحكم هنا لا مانع للحاكم الجديد الذى لم يحمل طموحات الشعب أن يضحى أما بأشخاص قريبين منه أو ساعدوه للوصول إلى الحكم أو إزاحة من يعترض طريقه للوصول إلى هذا المنصب الذى دفع الشعب من أجله دما غاليا، فأيام محمد على كان الضحية الأولى هو عمر مكرم، رغم أنه كان أكثر من سانده ليعتلى حكم مصر، وحشد من أجله المصريين ليقفوا وراءه ضد الوالى العثمانى، ولكن طمعه فى الاستئثار بالسلطة دفعه إلى أن يتخلص من مكرم ذى الشعبية الجارفة، أما فى ثورة 23 يوليو، لم يتوان مجلس قيادة الثورة فى التخلص من أى من الضباط الذين ساندوه فى الانقلاب العسكرى لمجرد أنهم شعروا أن هؤلاء يؤمنون حقا بأهمية تطبيق الديمقراطية وإجراء انتخابات حرة نزيهة، كما فعل الرئيس الراحل محمد نجيب، الذى حذفوا اسمه من كتب التاريخ كأول رئيس للجمهورية، ولم نسمع عنه كثيرا ونحن أطفال صغار، واعتقدنا أن جمال عبدالناصر هو أول الرؤساء. 

أما المجلس العسكرى فيواجه اتهاما الآن بأنه يتبع نفس نهج سابقيه من العسكر بمن فيهم مبارك الذى سعى فى بداية حكمه إلى التضحية بأى شخص يتمتع بشعبية بين المواطنين، لذا كان المشير عبدالحليم أبوغزالة وزير الدفاع المصرى السابق، فكان مبارك أيضا هو الضحية التى قرر المجلس العسكرى أن يضحى به رضاء للشعب الغاضب وليخرج بأقل الخسائر فى أعظم ثورات الغضب التى اجتاحت المصريين، وهى ثورة الخامس والعشرين من يناير. 

لكن ما لم يعرفه العسكر أن ثورة الفيس بوك كما يطلق عليها، لم يكن هدفها فقط إسقاط مبارك وعدد من معاونيه، بل إسقاط نظام توحش، والاتيان بحاكم عادل يحظى برضا شعبى، وهو الأمر الذى لم يعه المجلس العسكرى حتى هذه اللحظة، فنشبت الخلافات، وظهر تمسكه بحكم البلاد، كل ما سبق يطرح تساؤلا مهما كيف، ومتى سوف يتسلم الشعب السلطة ليمنحها لمن يستحق؟ وللإجابة عن هذا التساؤل، تقدم «اليوم السابع» ملفا حول ثورات الشعب المصرى على مر العصور وتقييمها، بهدف الاستفادة مما حدث فيها، ورسم سيناريو أفضل لمستقبل بلدنا.


ثورات مصر.. النوايا الطيبة تقود الأشرار إلى كرسى الحكم والشعب يدفع الثمن.. وعلاقة الحاكم بالمعارضة.. تبدأ بالاحتفاء والتقدير.. وتمر بمرحلة التشويه والتخوين.. وتنتهى بالمعتقلات والسجون.. محمد على والضباط الأحرار والمجلس العسكرى ثلاثة وجوه لعملة واحدة.. وعدوا الشعب بضمانات لم ينفذوها.

شعب يثور مبتسما، يتبادل النكات فى أرض المعركة، تلقى عليه قنابل الغاز فيستنشقها ويطلب المزيد، وتطلق عليه الرصاصات لتخترق صدور أبنائه فيحتسبهم عند الله شهداء ويواصل المسير، يقفز فوق دبابات ومدرعات الجيش فى أحلك أوقات الثورة ليكتب عليها «يسقط حسنى مبارك».. هذه مشاهد من خصوصية الثورة المصرية جعلتها تتفرد عن غيرها من ثورات الربيع العربى بنكهة محلية خالصة مصنوعة فى شوارع وحارات وأزقة، ومروية بدماء لم تجف آثارها حتى اليوم.

استمرت تلك الخصوصية بعد سقوط رأس النظام السابق، ولكنها سارت فى اتجاه مختلف، فبدلا من أن تجنى الثمار ظلت طوال عام كامل تعانى من خلافات بين الشباب الثائر وبين المجلس العسكرى المسؤول عن قيادة المرحلة الانتقالية، وخلافات أخرى بين القوى السياسية ذات التوجهات المختلفة «الإسلامية والليبرالية والعلمانية» نهاية بالمرحلة الحالية التى تستعد فيها قوى سياسية للاحتشاد يوم 25 يناير فى الذكرى الأولى للثورة والاعتصام بالميادين حتى يرحل المجلس العسكرى عن إدارة شؤون البلاد ويسلم المهام إلى مجلس الشعب.

وبين إصرار الشباب الثائر على رحيل المجلس العسكرى ومحاكمة المتورطين من قيادات الجيش فى أحداث كشف العذرية وماسبيرو ومجلس الوزراء فى يناير الحالى، وإصرار قادة العسكر على الطرف الثانى على التمسك بالجدول المعلن لإنهاء المرحلة الانتقالية نهاية شهر يونيو المقبل، يبرز تساؤل رئيسى عن تسليم السلطة كيف سيتم ومتى، وهل تحتاج الثورة دماء جديدة تسيل من أبنائها حتى تستكمل أم أن مخطط إجهاضها «على حد قول المعارضين للمجلس» سينجح؟

الإجابة عن هذه الأسئلة تستدعى الرجوع إلى الخلف كثيرا، قبل أكثر من ثلاثمائة عام، ثم المرور إلى القرن الماضى وتحديدا فى الخمسينيات ومراجعة تفاصيل الثورات التى انتقلت السلطة فى مصر من نظام إلى آخر، كيف ثار المصريون على خورشيد باشا عام 1805 واختاروا محمد على لحكم البلاد قبل أن ينفرد بالسلطة ويستمر فى منصبه حتى 1848 ثم يورث البلاد لأولاده، وكيف ثار الضباط الأحرار على ذرية محمد على فى 1952 وأعلنوا أن مهمتهم فى البلاد لن تستمر أكثر من عامين، ثم استمروا حتى عام 1981 حين قتل السادات ليترك السلطة لحسنى مبارك الذى ثار عليه شعبه هو الآخر.

الفصل الأول:

فى هذا الفصل ثلاثة مشاهد من ثلاث حقب مختلفة تعكس بصورة رئيسية كيف انتصرت الثورة ونجحت مبدئيا فى إزاحة الظلم عن رأس النظام الحاكم، قبل أن يبدأ الفصل الثانى وتبدأ الصراعات ومحاولات الاستبداد.

المشهد الأول

استيقظت مصر فى هذا اليوم على صراخ النساء وبكاء الأطفال، لكنه كان فيما يبدو صراخا معهودا، قام جنود خورشيد باشا «المعروفون بالدالاتية» باقتحام المنازل ونهبها وطرد السكان منها فى الثانى من مايو عام 1805.. تجمع المواطنون وتوجهوا إلى الأزهر الشريف وطالبوا المشايخ والعلماء بالتدخل، .

أيقن الشيوخ أنه لا مفر من المواجهة، واستقروا بزعامة عمر مكرم على اختيار محمد على واليا لمصر، ونجح الأخير فى حصار خورشيد باشا وساعده فى ذلك الشعب حتى جاء فرمان من الأستانة بتولية محمد على حكم مصر فى 9 يوليو 1805 لتنتصر الثورة الشعبية التى قادها الشيخ عمر مكرم ومجموعة من علماء الأزهر.

المشهد الثانى
كل شىء كان مهيئا، لكن الأنباء بلغت القصر فقرر القبض على 13 من الضباط المنتمين لتنظيم الضباط الأحرار، كانت الخطة التى وضعها زكريا محيى الدين بتكليف من جمال عبدالناصر تقتضى قيام الكتيبة 13 بالسيطرة على قيادة القوات المسلحة فى سرية كاملة، وقرروا أن تكون ساعة الصفر الواحدة صباح الأربعاء 23 يوليو، ولكن القدر وحده أنقذ ثورتهم، ففى الوقت الذى تسرب فيه إلى قيادات القوات المسلحة موعد تحرك الضباط الأحرار، حدث خطأ فى إبلاغ يوسف صديق قائد ثان الكتيبة 13 بساعة الصفر، فتحرك بقواته فى الساعة الحادية عشرة بدلا من الواحدة صباحا، واستطاع السيطرة على مجلس قيادة القوات المسلحة فى كوبرى القبة، واعتقال كل من قابلهم فى الطريق، ثم قرأ محمد أنور السادات البيان الأول الصادر عن الضباط الأحرار.

المشهد الثالث
عشرات الآلاف من المتظاهرين يقفون فى ميدان التحرير تحيط بهم جنود الأمن المركزى من كل جانب، يردد المتظاهرون: «الشعب يريد إسقاط النظام»، دقت الساعة الثانية عشرة مساء فبدأت الاشتباكات بين الطرفين.

استجاب رئيس الجمهورية محمد حسنى مبارك لقدر محدود من مطالب الجماهير فقرر إقالة حكومة أحمد نظيف وتعيين أحمد شفيق بدلا منه، وسريعا تعرض المعتصمون لهجمات شرسة لفض اعتصامهم، سواء من بلطجية تم تجييشهم أو من راكبى الخيول والجمال والحمير الذين اقتحموا الميدان لكنهم عجزوا عن فض الاعتصام.

فى الساعات الأولى من ليل 11 فبراير، أعلن اللواء عمر سليمان الذى تم تعيينه نائبا لرئيس الجمهورية تخلى مبارك عن منصبه وتكليف القوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد.... هنا انتهى الفصل الأول بمشاهده الثلاثة، انتقلت السلطة فى المشهد الأول بناء على رغبة الشعب من خورشيد إلى محمد على، ورغم استمرار الولاية العثمانية على البلاد فإن «على» تمكن من توطيد حكمه فى مصر وانتزاعها بالكلية من الأتراك، وفى الثانى صعد الجيش إلى قمة السلطة وبارك الشعب هذا الانقلاب، وأعلن استمراره عامين فقط يترك بعدهما المنصب لسلطة مدنية، وفى الثالث والأخير ارتقى الجيش أيضا للسلطة بتفويض من الرئيس المخلوع وبمباركة شعبية، ليؤكد أنه سيقود البلاد ستة أشهر فقط مضى منها حتى الآن 11 شهرا!!

الفصل الثانى
الآن آتت الثورة أولى ثمارها، اختار الشعب محمد على ليكون حاكما فصعد إلى منصة الحكم، وآزر الشعب الجيش فى انقلابه فأصبح الأخير مسؤولا عن تسيير شؤون البلاد، ورحب ثوار التحرير بالمجلس العسكرى ليدير الفترة الانتقالية, الفصل الثانى يرصد الفترات الأولى بعد تواجد ممثلى الإرادة الشعبية فى السلطة، كيف أداروا البلاد وكيف تحولت النوايا الحسنة للجماهير إلى وبال عليهم، إذ استأثر ممثلوهم بالسلطة منفردين.

المشهد الأول
فى 16 أغسطس 1805، وبعد تولى محمد على مسؤولية البلاد رسميا بشهر، فوجئ أهالى القاهرة بقوات من المماليك تطوف الشوارع، وكان اليوم موافقا للاحتفال بعيد «وفاء النيل»، ذهبوا إلى عمر مكرم «أيقونة المعارضة» وطالبوا بدعم شيوخ الأزهر لكنه رفض، فأيقنوا أن المعارضة الشعبية ليست معهم، ودار قتال عنيف بينهم وبين قوات محمد على انتصر فيه الأخير.

فى يونيو 1806 قرر الباب العالى نقل محمد على ليكون واليا على سالونيك، وأرسل أسطولا بحريا لتنفيذ الأوامر، وطالب على من عمر مكرم دعمه، واتفقا على أن يظهر والى مصر الموافقة على قرار الباب العالى فى حين يتعلل بضرورة دفع رواتب الجنود المتأخرة، فى الوقت نفسه تظهر المعارضة الشعبية تمسكها بمحمد على وتتفاوض مع مندوب العثمانيين على ذلك، وهو ما نجح بالفعل، واستمر الرجل فى حكم مصر.
الموقفان السابقان يعكسان الدور البازر الذى قام به عمر مكرم فى توطيد حكم محمد على، إضافة إلى أن الشيخ كان هو من اختار على ليتولى الحكم، لكن ما هو الجزاء الذى ناله عمر مكرم من محمد على؟

هنا تتضح الطريقة التى تتعامل بها السلطة الحاكمة «التى استمدت شرعيتها من ثورة شعبية» مع الثوار الذين جاؤوا بها إلى الحكم.

فى يونيو 1809 فرض محمد على ضرائب جديدة، وضج الناس بها فذهبوا لعمر مكرم ومشايخ الأزهر واتفقوا على مطالبة الوالى برفع الظلم عنهم، ونجح «على» فى استمالة بعض المشايخ إليه لتأليبهم على مكرم، بعدما أعلن الشيخ الثورى رفضه لإجراءات محمد على التوسعية.

وصل الخلاف بين الطرفين إلى نقطة حاسمة، حاكم البلاد أيقن تمام اليقين أن المعارضين الذين جاؤوا به إلى الحكم هم مصدر الإزعاج، وأن من اشتراهم بأمواله من مشايخ وساسة هم طوق النجاة بالنسبة إليه فقرر التالى: نفى عمر مكرم إلى دمياط.

المشهد الثانى
يقول محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر العربية فى مذكراته «كنت رئيسا لمصر»: «كان موعد الانتخابات البرلمانية كما وعدت فى فبراير 1953، كنت أعتبر هذا الموعد هو تاريخ إعادة الحياة الديمقراطية كاملة إلى مصر، كنت أعتبره تاريخ عودة الضباط إلى الثكنات والسياسيين إلى البرلمان والحياة إلى طبيعتها، لكن فى ليل 17 يناير «1953» وقعت مفاجأة أطاحت بكل هذه الأحلام، أذيع باسمى إعلان دستورى بصفتى القائد العام للقوات المسلحة وقائد حركة الجيش».

تضمن الإعلان الدستورى الذى يتحدث عنه نجيب قرارا بحل جميع الأحزاب السياسية ومصادرة أموالها لصالح الشعب بسبب: «عدم تورع بعض العناصر الحزبية عن الاتصال بدولة أجنبية وتدبير ما من شأنه الرجوع بالبلاد إلى حالة الفساد السابقة»، على حد قوله.
إذن.. قام الضباط الأحرار بحل جميع الأحزاب، وذلك بعد حملة تشويه كبيرة لهم قام بها وزير الداخلية سليمان حافظ، ولم يقتصر الأمر على هذا الحد، بل أعلنوا مد الفترة الانتقالية ثلاث سنوات «حتى يتمكنوا من إقامة حكم ديمقراطى سليم»، وفقا لما ورد بالبيان.

وبذلك استراحوا ظاهريا من ضغط القوى السياسية المختلفة ليبدأوا الاستئثار بالحكم وعسكرة شؤون الدولة والتوغل فى كل القطاعات.

«الإخوان كانوا أول من ساعد عبدالناصر فى تنظيم الضباط الأحرار فى فترة لم أكن عرفت فيها عبدالناصر ولا التنظيم، وكان بين عبدالناصر وبينهم تاريخ طويل قبل الحركة. جانب آخر من الصراع بين السلطة والقوى السياسية ذكره محمد نجيب فى مذكراته التى أكد فيها أن بداية الصدام بين الإخوان وبين الضباط الأحرار كان بعدما رفضوا أن يتولى أحدهم حقيبة فى وزارة الثورة، لكن ماذا كان جزاء الإخوان الذين ساعدوا عبدالناصر قبل الثورة، وكان لديهم ممثلون فى تنظيم الضباط الأحرار؟.

النهاية كانت فى معتقلات جمال عبدالناصر الذى قفز على الحكم وبدأ يذيق الجماعة صنوفا من العذاب ومدى سنوات متتالية.

ولم تقتصر محاولات الضباط على إقصاء مخالفيهم لكن امتد الأمر إلى القيام بـ«عزل» محمد نجيب أول رئيس للجمهورية وتحديد إقامته.

المشهد الثالث
دبابات الجيش ومدرعاته تحيط بالميدان، الجنود ينتظرون شارة الاقتحام حتى يتمكنوا من فض الاعتصام.. بعد أسبوعين فقط من تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك بدأ الجيش يستخدم القوة لفض الاعتصامات بحجة الحفاظ على المصالح والمنشآت العامة, معارضو المجلس، الذين جاءوا به إلى السلطة، تم توجيه تهم مختلفة لهم «بعضها يتعلق بآرائهم السياسية والبعض الآخر تم تلفيقه»، وبعد مرور أقل من عام على وجود العسكر تم الزج بأكثر من 12 ألف مواطن فى السجون بناء على أحكام من القضاء العسكرى، إضافة إلى قيام قوات من الجيش بسحل المعتصمين وتعرية النساء وتمزيق ملابسهن والكشف على عذريتهن أثناء فض الاعتصامات، هذا فى الوقت الذى انسحب فيه التيار الإسلامى بما فيه من جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين من المظاهرات الثورية التى ينادى بها شباب الثورة, مشاهد الفصل الثانى قد انتهت، محمد على قام بنفى عمر مكرم وأغرى مشايخ الأزهر بالمال ونجح فى التفريق بينهم، الضباط الأحرار حلوا الأحزاب السياسية وعزلوا قائدهم محمد نجيب وقذف عبدالناصر بالإخوان فى السجون والمعتقلات بالإضافة إلى تنفيذ مخطط فوضوى بدايته كانت فى حريق القاهرة دفع الناس للالتجاء إليهم ووطد موقفهم فى الحكم، ومجلس العسكر اتهم معارضيه بالخيانة وزج بهم فى السجون بأحكام عسكرية وأغلق المنظمات الحقوقية التى أرقت مضجعه.

الفصل الأخير
ماذا فعل الأبطال الثلاثة «محمد على والضباط الأحرار والمجلس العسكرى» بعدما استتب لهم الأمر؟ هل نفذ على مطالب الشعب واستجاب لهم؟ وهل نقل الضباط السلطة للمدنيين وحققوا مطالب الشعب الذى تضامن مع انقلابهم؟ وهل تخلى العسكر عن حكم البلاد وتركها للمدنيين الذين قاموا فعلا بالثورة؟ المشهدان التاليان يجيبان عن السؤالين الأول والثانى.

محمد على.. استمر الرجل الألبانى فى حكم مصر حتى عام 1848، وخاض حروبا توسعية متعددة أرهقت المصريين واستنزفت ثرواتهم، وهيأ الوضع لأبنائه ليرثوا الحكم واحدا تلو الآخر حتى 1952 حين رحل الملك فاروق.

الضباط الأحرار.. بعدما تم عزل محمد نجيب ارتقى عبدالناصر للحكم، ونجح الرئيس الشاب فى توطيد حكمه بعدما كمم أفواه معارضيه وزج بهم فى السجون، وتوفى عام 1970 وقيل إنه «قتل مسموما» ثم جاء بعده محمد أنور السادات، وهو أحد قيادات الضباط الأحرار أيضا، واستمر فى منصبه حتى 1981 حتى قتله أفراد من الجيش، ليتولى عسكرى آخر خرج من العباءة ذاتها هو حسنى مبارك الذى ثار عليه شعبه وخلعه بعد 30 عاما من الحكم.

إذن الإجابة بسيطة وواضحة، فى مصر ذات الخصوصية الفريدة فى كل شىء، تثور الشعوب أو تتضامن مع الانقلاب العسكرى وتكسبه طابعا ثوريا، لتنال الحرية وتنعم بالعدالة والرخاء، تثور على أمل انتقال السلطة من حاكم ظالم إلى آخر عادل يعبر عن الشعب ولا يستأثر بالمنصب، لكن هذا لا يحدث، فمن يصعد إلى القمة عندنا لا يتركها إلا بالدم أو بالسم أو بثورة جديدة، وهذه إجابة السؤال الثالث.


المؤرخ الدكتور عاصم الدسوقى: قيادات بالجيش ستحدث انقلابا داخليا لإنقاذ ثورة يناير

شهدت مصر ثورات عديدة، كان من بينها ثلاث ثورات استطاعت أن تنقل فيها السلطة إلى نظام جديد، الأولى بدأها الشعب ممثلا فى عمر مكرم عام 1805، ثم التقطها العسكر بثورة 1952، وعادت للشعب مرة أخرى فى أول ثورة تشارك بها كل فئاته فى يناير 2011، ورغم الاختلاف الواضح بين الثورات الثلاث، فإن سيناريوهات تسليم السلطة بها تشابهت لحد التطابق، «اليوم السابع» حاورت المؤرخ عاصم الدسوقى للتعرف على الظروف السياسية التى أحاطت بكل ثورة والصراعات التى أحاطت بتسليم السلطة للحاكم وانفراده بها، والسبب الحقيقى وراء تطابق النهايات، وهل من الممكن أن تنتهى ثورة 25 يناير على هذا النحو.

> ما الظروف السياسية التى تولى بها محمد على الحكم؟

- تولى محمد على الحكم بعد رحيل الحملة الفرنسية فى سبتمبر 1801، والتى تلاها حالة من الفراغ السياسى والفوضى، كما شهدت صراعا بين القوى السياسية المختلفة، فالدولة العثمانية تريد أن تستعيد مصر مرة أخرى والمماليك يبحثون عن استعادة دورهم، وجماعة العلماء الذين يمثلهم عمر مكرم نقيب الأشراف، تريد أن يتولى الحكم حاكم من الشعب، وبالفعل اختار مكرم، محمد على لأنه لم يرتكب مجازر مثلما فعل غيره من القادة العسكريين، وهذا لأنه كان يعمل بالتجارة، وعندما توقفت بسبب الحروب انضم للفرق العسكرية، كما وضع شرطا أساسيا لحكمه، وهو ألا يأخذ قرارا إلا بالرجوع للهيئة الشرعية ممثلة فى عمر مكرم.

> وهل ساعدته هذه الظروف فى الانفراد بالسلطة؟
- استغل محمد على الظروف التى تمر بها البلاد، خاصة أنه لم يكن مجرد وال يرسله السلطان العثمانى ويحدد فترة حكمه، ولكنه أتى برغبة الشعب، وبالرغم من الضوابط التى وضعها عمر مكرم لمنع انفراده بالسلطة فإنه نجح فى التخلص منه والقيود التى فرضها حوله الإنجليز والعثمانيون، إلا أنه تخلص منهم جميعا.

وكانت البداية مع الإنجليز الذين أنقذه منهم موت مساعدهم الأول محمد الألفى، ثم استغل أزمة الفيضان للتخلص من عمر مكرم، فاتخذ قرارا بتخفيض قيمة الضرائب، ورجع إلى عمر مكرم باعتباره رئيس الجبهة الشعبية التى لا يأخذ قرارا دون علمها، فرفض مكرم تخفيضها عن «الملتزمين»، وهم مجموعة الأشخاص المسؤولين عن جمع الضرائب من الفلاحين، وكان السبب فى ذلك هو أن عمر مكرم كان واحدا من الملتزمين، واستغل محمد على هذا للإطاحة به ونجح، ثم انتهى بضرب المماليك، من خلال استغلال حملة للقضاء على الوهابية بأمر من السلطان.

> ولكن محمد على بهذه الصورة مثل نموذجا سيئا لسيناريو تسليم السلطات فى مصر بتنكيله بالقوى الشعبية ممثلة فى عمر مكرم التى أتت به للحكم؟
- الصراع على السلطة لا يعرف الأخلاق، والحكام يسعون دائما للوصول للسلطة ثم يعملون على الانفراد بها.

> فى رأيك هل يعد استمرار الضباط الأحرار فى الحكم بعد ثورة يوليو رغم تعهدهم بتسليم السلطة والعودة للثكنات تكرارا لنفس السيناريو؟
- الضباط الأحرار هم من قاموا بالثورة، فكان من الطبيعى الاستمرار فى الحكم، فكيف لشخص قام بالثورة لا يتسلم الحكم بعدها ويتركها لغيره، والجميع اعترف بعد ذلك بصحة ما فعل عبدالناصر، وأولهم خالد محيى الدين، فالشرعية فى 52 أتت من الثورة.

> ولماذا لم يحاول عبدالناصر أن يشرك بقية التيارات السياسية معه فى الحكم؟
- لأن الضباط الأحرار تيار داخل الجيش يعبر عن نفس مطالب القوى السياسية الأخرى، وهو الاستقلال، وهم الوحيدون الذين نجحوا فى الاستيلاء على السلطة، وكان واجبا على القوى السياسية وقتها الالتفاف حول الضباط ومساندتهم وليس محاربتهم باعتبار أنهم كان لهم دور فى الشارع ولمدد طويلة، وطالما أنهم لم يفعلوا ذلك فكان من المتوقع أن يبتعدوا عن عبدالناصر ماعدا جماعة الإخوان المسلمين.

> وما أبرز الصراعات التى أحاطت باستمراره فى الحكم؟
- حاول عبدالناصر التنسيق مع جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها الأكثر حضورا فى الشارع، وبالفعل اختار واحدا منهم فى إحدى وزاراته وهو أحمد حسن الباقورى، ففصله الهضيبى مرشد الإخوان وقتها بسبب ذلك، وقال لعبدالناصر نحن لا نريد وزارات، ولكن عليك أن ترسل لنا أى قرار قبل تنفيذه، وأرادوا بهذا تكرار سيناريو ولاية الفقيه الذى استخدمه عمر مكرم ضد محمد على، فرفض عبدالناصر، وبدأ الصدام بين الطرفين، ورغم التفاف الإخوان حول محمد نجيب لقيادة الثورة المضادة فإنه تصدى لهذه الثورة المضادة.

بالإضافة إلى أن الفترة الانتقالية التى حددها الضباط الأحرار لمدة ثلاثة شهور فقط كانت فى نفس الوقت الذى كان يتم فيه التفاوض مع الإنجليز، فأصبح من الصعب المحاربة فى جبهتين فى وقت واحد، وكانوا يعتمدون على الإخوان بصورة كبيرة لإثارة القلاقل الداخلية، ورغم إعداد نجيب لتظاهرات فى 29 مارس لإسقاط عبدالناصر والضباط الأحرار، فإن عبدالناصر طلب منهم الخروج والهتاف للثورة، وهذا يعنى وجود مخطط داخلى مدبر يقوده محمد نجيب لإسقاط الثورة.

> وما صحة ما يتردد عن أن عبدالناصر قاد مخططا فوضويا بدأه بحريق القاهرة ليبرر وجوده فى الحكم فترات أطول؟
- هذا غير صحيح، فالوثائق البريطانية أكدت أن من قام بالحريق كانت بريطانيا من خلال استخدام صبية يقومون برش مواد حارقة على المبانى، وإعطائهم أموالا مقابل ذلك بالتعاون مع الملك الذى لم يرسل قوات الجيش إلا فى الثالثة ظهرا رغم أن الحريق بدأ فى الثانية عشرة ظهرا.

> انتقالا من الثورتين السابقتين هل سيتكرر السيناريو مع ثورة يناير وسينفرد المجلس العسكرى بالحكم؟
- المجلس العسكرى حتى الآن هو حامى الثورة، ولكن لا نعلم ماذا سيحدث عند فتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسة وإذا حدث صدام وفشل المجلس فى السيطرة على الموقف فسيقوم الجيش بدور المنقذ، من خلال انقلاب داخلى يحدث بين قياداته.

> ولكن تعاملات المجلس العسكرى مع الثوار فى الفترة الأخيرة جعله يخسر جزءا كبيراً من رصيده فى الشارع؟
- الأحداث الأخيرة لم يتضح بها الفاعل الحقيقى، هل هم من الثوار أم بلطجية؟ كما أن المجلس فكان يدافع عن منشآت الدولة ضد من كن يحاول الهجوم عليها، وأعتقد أن من قاموا بحرق المجمع العلمى مجموعة من البلطجية المنظمين بتحريض من فلول النظام السابق لإجهاض الثورة. 

> وما تحليلك لطبيعة العلاقة بين المجلس العسكرى والإخوان؟ وهل من الممكن أن يتكرر معهم سيناريو 52؟
- الإخوان حاولوا التودد للمجلس العسكرى منذ بداية الثورة من خلال عدم المشاركة فى أغلب المظاهرات المليونية ضده ليؤكدوا مساندتهم لحكمه، ولكن المجلس يفهم هذا جيدا، وتركهم يفعلون ما يشاؤون حتى يظهر للشعب حقيقة سياستهم، فرغم أنه منع إنشاء الأحزاب على أساس دينى فإنه تركهم يقومون بذلك وينشرون فكرهم فى الشارع، ومن الممكن تكرار سيناريو 52 ويصطدم الإخوان بالمجلس العسكرى إذا نفذوا ما يتردد عن تطبيق الحدود وتغيير برامج السياحة.


خبراء يحددون 3 سيناريوهات لتسليم السلطة من المجلس العسكرى للمدنيين

الأول: التعجيل بانتخابات الرئاسة فى أبريل تفاديًا للغضب الشعبى
الثانى: الاستمرار حتى 30 يونيو والاشتباك مع الثوار
الثالث: نقل السُلطات للبرلمان فى يناير خوفًا من ثورة جديدة
«الحاكم الأجنبى أو العسكرى».. هما النتيجة المباشرة للثورات التى شهدتها مصر فى تاريخها الحديث، وهى نتيجة «لن تتكرر» فى ثورة الخامس والعشرين من يناير وفقًا لما يراه محللون سياسيون وخبراء أكدوا أن نقل السلطة للمدنيين آتٍ لا محالة وإن اختلفت السيناريوهات المتوقعة لشكل وموعد هذا الانتقال، مشيرين إلى أن ما حدث عقب ثورة المصريين على خورشيد باشا عام 1805 من انتقال الحكم إلى الألبانى محمد على وذريته حتى منتصف القرن الماضى، وأن استئثار العسكر بالحكم منذ حركة الضباط الأحرار فى 1952 لن يحدث مجددًا وأن الثمن هذه المرة قد يكون دماءً جديدة تسيل من المصريين فى سبيل انتقال الحكم إلى سلطة مدنية منتخبة.

السيناريو الأول: «تسليم السلطة فى أبريل تحت ضغوط شعبية»
عصام الإسلامبولى، المحامى بالنقض والناشط الحقوقى يقول إن المشكلة فى تسليم السلطة حاليا والتى لا يستطيع أحد الإجابة عنها هى من الذى يحق له أن يتسلم السلطة؟.. موضحا أن المجلس العسكرى وفقاً للإعلان الدستورى الذى ينتهى مع الفترة الانتقالية صاحب الحق الوحيد فى مباشرة صلاحيات رئيس الجمهورية بالإضافة الى السلطات التشريعية والتنفيذية، وبذلك لا يجوز أن ينقل السلطة إلى مجلس الشعب أو مجلس رئاسى، كما هو مقترح لأنه يخالف الشرعية الدستورية التى أقر بها الشعب منذ نزوله الاستفتاء.

الإسلامبولى أوضح أن قرارات المجلس ومواقفه منذ توليه السلطة عقب تنحى مبارك لا تشير إلى تقبله الرضوخ للتسليم الفورى للسلطة، وأنه سيتعامل مع هذه الدعوات على أنها ضد استقرار البلد، لكنه فى الوقت ذاته مجبر على تسليمها عقب انتخابات الرئاسة، قائلا: «أغلب الشعب يعتبر الانتخابات الضمانة لانتقال السلطة، والمجلس يعلم أن ذلك هو ما يبقيه فى السلطة التى قارب رصيده فيها على النفاد، إلا أن الضغط قد يسفر عن تقديم مواعيد الانتخابات بما يعنى انتهاء الفترة الانتقالية فى أبريل بدلا من يونيو المقبل».

واعتبر الإسلامبولى أن العسكر حينما تولوا السلطة عقب ثورة 1952 كانت لأنهم هم من قاموا بها، وبالتالى كانوا هم الثوار، وقال: «يجب ألا نظلم الضباط فى ثورة 52 لأنها الوحيدة التى جاءت بدستور فى صالح الشعب على عكس ما حدث من خروج الشعب على خورشيد باشا فى 1805، حيث تولى بعدها محمد على وهو أجنبى».

السيناريو الثانى: «استخدام العنف والاستمرار حتى يونيو»
يقول دكتور عاطف البنا، أستاذ القانون الدستورى وعضو لجنة تعديل الدستور، إن المطالبة برحيل المجلس العسكرى قبل انتهاء الفترة الانتقالية وتسليم السلطة فورا عبارة عن «شذوذ قانونى» لا تتطابق مع الشرعية الدستورية التى منحها الشعب للمجلس منذ نزوله للمشاركة فى الاستفتاء، مشيرا إلى أن القواعد التى وضعها الإعلان الدستورى والتى تحكم الفترة الانتقالية حتى وضع دستور جديد تمنع «قانونا» تسليم السلطة تحت أى مبرر سياسى.

ويميل أستاذ القانون الدستورى إلى سيناريو «حريق مصر»، متوقعا انخفاض الأعداد المشاركة فى مظاهرات 25 يناير المقبل بما يعنى عدم قبول أغلبية الشعب تنحى المجلس العسكرى عن منصبه، وهو ما سيفتح الباب أمام الأيدى الخفية لكى تستفز الجيش، وتدخل فى مواجهات مع المتظاهرين، ويقول: «الجيش سيتدخل لحماية المبانى ولو حدثت اشتباكات لن تكون فى صالح المتظاهرين والشعب لن يكون معهم. وأضاف: «المجلس العسكرى لا يستطيع أن يبقى فى الحكم يومًا واحدًا بعد انتهاء الفترة الانتقالية، لأن الشعب يريد نقل الحكم لسلطة مدنية لذلك شارك فى الانتخابات بهذه الكفاءة، وما حدث فى 1953 من مد الفترة الانتقالية أو السيطرة على السلطة لن يتكرر».

السيناريو الثالث.. نقل الصلاحيات للبرلمان فى يناير
اعتبر جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس أن مصر مقبلة على منحنى شديد الخطورة، قائلاً: «الأصوات المطالبة بتسلم فورى للسلطة لن تتراجع ولن يسكتها عناد المجلس العسكرى، وإذا لم توجد مبادرات تخرجنا من هذه الأزمة ستتجدد المواجهات الدامية مرة أخرى، لكن وقتها سيكون الجيش أحد أطرافها».

وأضاف: «مصر تكتب تاريخا جديدا لا يتطابق مع الثورات الماضية فلن يستطيع العسكر أن يستولى على السلطة، كما فعلوا فى 1952 لكن المشكلة التى نعانى منها حاليا أن المجلس فقد شرعيته الثورية منذ أحداث محمد محمود، وهو مفروض علينا حاليا بالشرعية الدستورية».

يعتبر زهران أن تمسك المجلس بالسلطة غير مبرر خصوصا فى ظل عدم قيامه بأى تغيير على مدى العام، قائلا: «إذا استمر المجلس فى ذلك يبقى هو اللى عايز يحرق البلد، واعتماده على نزول الناس إلى الانتخابات وهمى، لأنهم فى النهاية 30 مليون نسمة بواقع %30 فقط من نسبة الشعب المصرى، أما تحججه بأن الإعلان الدستورى يعطيه الصلاحيات حتى نهاية الفترة الانتقالية، فهذا فى أيدينا ويستطيع أن يصدر مادة جديدة لتكون استثنائية فى ذلك الوقت تقضى بإضافة صلاحيات نقل السلطة إلى مجلس الشعب».

وطرح زهران آلية تنفيذ مبادرته عن طريق إلغاء انتخابات مجلس الشورى الذى اعتبره «مالوش لازمة فى الوقت الراهن»، بينما يقوم مجلس الشعب فور اكتماله بخطوات نقل السلطة عن طريق تشكيل مجلس رئاسى مدنى ولجنة إعداد الدستور وحكومة جديدة على أن يكون ذلك من خارج أعضائه، ووفقا لجدول زمنى محدد، معتبرا أن ذلك هو أسلم الطرق لانتقال السلطة، وغير ذلك ستكون مصر أمام ثورة جديدة «أكثر دموية».

حديثُ الخبراء السياسيين، مخالف فى لهجته وطموحه لما يريده الثوار والنشطاء فى الميادين، فـ«تسليم السلطة» فى نظر كثير منهم خدعة كبيرة يحاول أن يرددها المجلس لإلهاء المطالبين برحيله، ثم يضع أمام تنفيذها عراقيل كثيرة.

نور أيمن نور، الناشط السياسى، قال إن سبب عدم الثقة فى نية المجلس تسليم السلطة فى نهاية يونيو المقبل هو «الوعود الوهمية السابقة بتسليم السلطة» مضيفًا: «حتى لو سلمنا أنه سينقل السلطة للمدنيين نهاية يونيو، هذه مسافة زمنية طويلة تعرض البلاد لمخاطر كبيرة».

وقال نور إن الضمان الوحيد الآمن لتسليم السلطة هو نقل صلاحيات المجلس لرئيس مجلس الشعب أيًا كان شخصه أو انتماؤه السياسى، مطالبًا أيضًا بالانتباه إلى أن المجلس قد يرحل عن الحكم لكن يترك رجاله فى جميع المؤسسات لضمان عدم ملاحقته على الأخطاء التى ارتكبها فى الأشهر الماضية.

سعيد عتيق، الناشط السياسى بشمال سيناء وعضو المكتب التنفيذى لائتلاف شباب الثورة، توقع أن تتبخر كل السيناريوهات المطروحة أمام مظاهرات 25 يناير المقبل، مؤكدًا أنها ستربك حسابات جميع الأطراف السياسية، وستعجل رحيل العسكر.

وقال الناشط السيناوى إن الضمان الوحيد لاستمرار المجلس حتى نهاية يونيو هو الإخوان المسلمون بعد الصفقة التى عقدت بين الطرفين مؤخرًا، وتقضى برحيل العسكر فى أمان، وأن يأتى رئيس يضمن عدم ملاحقتهم مقابل استئثار الإخوان بالبرلمان.

«المجلس يريد الاستمرار فى السلطة، وهذه طبيعة بشرية».. كان ذلك تعليق المخرج السينمائى والناشط السياسى خالد دياب على قضية تسليم الحكم إلى سلطة مدنية منتخبة، مضيفًا: «الضغط الشعبى والاستمرار فى الميادين هو الضمان الوحيد للتعجيل بانتقال السلطة من المجلس».

وقال دياب إن الإخوان والسلفيين أمامهم فرصة كبيرة «باعتبارهم يمثلون الأغلبية البرلمانية» فى الوقوف إلى جوار الشعب بدلاً من خذلانه والوقوف فى جوار المجلس العسكرى الحاكم.

استدل محمد نحاس، منسق المكتب التنفيذى لائتلاف شباب الثورة بالإسماعيلية، على رغبة المجلس العسكرى فى إطالة الفترة الانتقالية بـ«انتخابات مجلس الشورى» قائلاً: «لم يطلب الثوار وجود مجلس الشورى، ولا داعى لانتخابه لأنه غير مجدٍ لكن المجلس يبحث عن كل السبل لإطالة الفترة الانتقالية، وهو ما دفعه لإجراء انتخابات للشورى».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق