آخر الأخبار

التواصل

دنيا البنات

14 فبراير 2011

صحف العالم تحاول رصد الأحوال فى مصر بعد الثورة


في تحقيق لمراسلتها في شرم الشيخ المصري، تحاول صحيفة الجارديان البريطانية في عددها الصادر اليوم رصد الملامح الأولية للمحطة الجديدة من حياة الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك المتواجد في المنتجع الواقع على البحر الأحمر منذ تنحيه عن الحكم يوم الجمعة الماضي.
ففي تقرير بعنوان "الرئيس المهزوم يتكيَّف مع حياة العزلة على الواجهة البحرية"، تروي لنا المراسلة، هارييت شيروود، كيف نجحت بالوصول إلى مدخل الفيلا الخاصة بعائلة الرئيس في المنتجع الهادئ، والذي يبعد مئات الأميال عن ميدان التحرير في العاصمة القاهرة، مركز الزلزال الذي أطاح بنظام مبارك.
وتروي لنا كيف أنها علمت يقينا بأن مبارك موجود بالفعل في شرم الشيخ، وذلك من خلال دردشة قصيرة مع أحد ضباط الأمن في المقر الذي يخضع لحراسة أمنية مشددة.
تسأل المراسلة: هل مبارك موجود في الداخل؟
تأتيها الإجابة بشكل عفوي ومقتضب على لسان ضابط الأمن الذي ارتدى زيا مدنيا: "نعم هو موجود".
خوف وحذر
"ترتسم فجأة علامات الخوف والحذر على وجه الضابط الذي ربما أحس بأنه تبرَّع بتقديم أكثر مما ينبغي من المعلومات المتعلقة بصاحب البيت"، تقول المراسلة.
تفاوتت التقديرات بشأن ثروة أسرة مبارك التي يسعى ناشطو الثورة الآن لملاحقتها.
- هل يحب الرئيس أن يتحدث إلى الصحافة؟
- لا.
- هل عائلته معه؟
- لا تعليق.
- هل يستقبل زوارا؟
- لا تعليق.
- هل يمكنني أن التقط بعض الصور؟
- كلاَّ.
- هل يمكنني أن أتجول في المكان لبعض الوقت؟
- لا.


هكذا يدور بعدئذٍ الحديث المتحفظ للغاية بين المراسلة، التي تجرَّأت واقتحمت مقر الشخص الذي كان حتى الأمس القريب رئيسا لأكبر دولة عربية: محمد حسني مبارك.


حراسة أمنية مشددة وتعتيم إعلامي كامل على كل ما يحيط بسكن الرئيس السابق وخطط تحركاته للمرحلة المقبلة: كلاب بوليسية، تفتيش لكل شخص أو شيء يقترب من المكان.


تقول المراسلة إنها قصدت المكان سعيا للحصول على إجابات تتعلق بالرئيس السابق، فوجدت نفسها مضطرة لتقديم إجابات على الكثير من الأسئلة التي انهال بها عليها ضباط الأمن: اسمك، جنسيتك، اسم مؤسستك الإعلامية، سبب مجيئك إلى هنا، وأسئلة كثيرة وكثية أخرى.


تعود بعدها المراسلة "بخيبة أمل" لتصف لنا كيف وجدت منتج شرم الشيخ شبه المهجور، رغم أنه يعج عادة بآلاف السياح الذين ينشدون شمسه الدافئة وشواطئه الجميلة في مثل هذه الأيام من كل عام.
وتنقل عن إحدى السائحات البريطانيات في المنتجع، واسمها مورين كوك، قولها: "هم لا يريدون أي مشاكل هنا، فهم يعتمدون على السياحة".
أمَّا الناطور ناصر، فله رأي بالساكن الجديد في المنتجع، أي مبارك، إذ يقول: "نحن حزينون للغاية أن نراه يرحل. لقد كان رجلا صالحا. وعلى الحزانى منَّا على فراقه أن يظلوا صامتين".


سجين أم في عطلة؟
صحيفة التايمز هي الأخرى تحاول رصد تحركات مبارك في المنتجع، فتنشر تقريرها عن الموضوع تحت عنوان مثير اقتبسته من عبارة جاءت على لسان إحدى العاملات في مطبخ "الفندق" (الفيلا) الذي يقيم فيه الرئيس المصري السابق، إذ تقول: "لسنا متأكدين إن كان مبارك سجينا هنا أم يمضي عطلة".


تقول العاملة: "لقد وصل إلينا طعامه المفضَّل، والذي يأتينا التموين منه فقط عندما يتواجد هنا في شرم الشيخ، ويشمل ذلك أشهى الأغذية الأوروبية والكافيار، وأجود أنواع اللحوم وعلب الشوكولا السويسرية".


وبعد الحديث المقتضب عن حياة البذخ، التي تقول التايمز إن مبارك لا يزال يواظب عليها في شرم الشيخ، رغم أنها كانت أحد الأسباب التي حدت بشباب الثورة للإطاحة بحكمه بعد ثلاثين عاما من وجوده في السلطة، تنقلنا الصحيفة إلى عالم التكهنات بشأن الوجهة المقبلة للرئيس المصري السابق.


تقول الصحيفة إنها علمت أن من بين تلك الخيارات المطروحة أمامه إمارة دبي، أو مدينة العين، في الإمارات العربية المتحدة أو مدينة بادن بادن بألمانيا حيث قد يضطر للذهاب إلى هناك لمتابعة علاجه الطبي الذي كان قد بدأه في أعقاب إجرائه عملية جراحية فيها العام الماضي.


تنقل الصحيفة عن عمال "الفندق" تأكيدهم إنهم شاهدوا مبارك في المبنى، لكن جرى تحذيرهم بشدة من مغبة مناقشة أي أمر يتعلق بوجوده هناك.


ملاحقة ثروة مبارك


يخشى البعض من عودة الجيش لإحكام قبضته على مقاليد الحكم في البلاد ومصادرة الثورة.


صحيفة الفايننشال تايمز تهتم اليوم بمتابعة ملف ثروة عائلة مبارك ومتابعة القائمين على الثورة لها بعد إسقاطهم لنظام مبارك في الحادي عشر من الشهر الجاري.


تقول الصحيفة إن تركيز نشطاء الثورة ينصب الآن على هدف رئيسي: إسقاط امبراطورية المال والفساد الضخمة التي أشادها النظام السابق وأعوانه خلال الثلاثين سنة الماضية، وإعادة إعمار البلاد وبنائها من جديد.


وتضيف أن البداية هي ملاحقة وتعقب ثروة عائلة الرئيس التي يقدِّرها الثوار والمقربون منهم بحوالي 70 مليار دولار، ويرى الخبراء المستقلون أن الرقم مبالغ به للغاية، طالما يعتقد هؤلاء أن ثروة مبارك وأفراد أسرته لا تتجاوز في أحسن الأحوال حاجز الثلاثة مليارات دولار.


هذه التفاصيل تكشف عنها الصحيفة في تقرير لمراسليها، تشارلز كلوفر ومايكل بيل، يلقيان الضوء من خلاله على ثروة أسرة مبارك وصفقات الأراضي والعقارات التي كان يبرمها أفراد العائلة أو رجال الأعمال المقربون من النظام السابق.


يقول التحقيق إن القائمين على الثورة يعكفون الآن على التدقيق بصفقات الأراضي التي أُبرمت خلال العقود الثلاثة المنصرمة التي أمضاها مبارك في الحكم، والتي تقدَّر قيمتها بمليارات الدولارات، وتشمل المدن التي تم بناؤها على مشارف العاصمة القاهرة، والمنتجعات والمشاريع العملاقة على شواطئ البحر الأحمر، وفي مناطق أخرى من البلاد.
وترى الصحيفة أن أي قيادة جديدة للبلاد قد تعيد النظر بالكثير من تلك العقود والصفقات، إذ ستنصب جهود الناشطين وخبراء القانون ممن شاركوا في الثورة على التدقيق بكل ملفات الفساد في البلاد، وبالتالي بإعادة رسم تلك الصفقات بناء على أسس جديدة تقوم على الشفافية والعدالة والصالح العام.


تقول الصحيفة إن معظم المشاريع وصفقات الأراضي الكبرى في مصر كانت تتم بتلزيمها بشكل مباشر من قبل الحكومة لرجال أعمال لديهم حظوة لدى القيادة، ولقاء أسعار بخسة، وبدون إتاحة فرص متساوية لمنافسيهم عبر طرح تلك الأراضي والمشاريع في مناقصات عامة.


وينقل التقرير عن حمدي الفخراني، وهو محامٍ في القاهرة سبق له أن تقدم بالعديد من الطعونات بعدم قانونية مثل تلك الصفقات، قوله: "كانت الأراضي تُباع بسعر دولار أمريكي للمتر المربع الواحد".


ويدلل التقرير على مثل تلك الصفقات "الجائرة" بمشروعي "مدينتي" و"الرحاب" شرقي القاهرة، واللذين كانت قد طورتهما مجموعة هشام طلعت مصطفى، رجل الأعمال البارز والقيادي في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم سابقا، والذي يمضي حاليا عقوبة بالسجن بعد إدانته بمقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم عام 2008.


ومن المسارات الهامة الأخرى التي يرى التحقيق أن الثورة سوف تدقق بها وتسعى لتصحيها أيضا، تقول الصحيفة، ملف ثروة عائلة الرئيس السابق، بما في ذلك العقارات والشركات والأرصدة في المصارف الوطنية والعالمية.


ومن أهم الشركات التي ترى الصحيفة أنها ستكون محل تدقيق وملاحقة خلال الفترة المقبلة شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك)، وهي إحدى شركات التطوير العقاري الكبرى فى مصر ويملكها والد زوجة علاء مبارك، النجل الأكبر للرئيس المصري السابق.


وتنقل الفايننشال تايمز عن هشام قاسم، وهو محلل وناشر، قوله: "إن نظام مبارك كان يستخدم الأراضي كأداة ليس فقط لكسب ود حلفائه، بل من أجل التحكم بالقطاع الخاص الذي كان يخشى أن ينمو نفوذه السياسي إلى درجة تصعب معها السيطرة عليه في حال تمتع بالاستقلالية عن الحكومة".


لكن أحد مدراء الصناديق السيادية، الذي تحدث إلى الصحيفة بشرط عدم الكشف عن اسمه، يحذر القائمين على الثورة من مغبة اتخاذ إجراءات صارمة إلى درجة قد يتسببون من خلالها بهروب رأس المال والمستثمرين من البلاد، إذ يقول:


"عليهم تحقيق نوع من التوازن ما بين عملية لا بد من القيام بها وبين المطاردة. فإذا ما بدأوا بالمطاردة، فإن الناس قد يأخذون أموالها ويمضون بها إلى مكان آخر".


قبضة الجنرالات
وفي تحقيق تنشره على صفحتها الأولى تحت عنوان "الجنرالات المصريون ينوون أن يحكموا حتى تُجرى الانتخابات"، تسلِّط صحيفة الجارديان الضوء على الصراع "الخفي-الظاهر" بين المجلس العسكري الأعلى، الذي يدير حاليا شؤون البلاد، وبين المتظاهرين الذين قادوا ثورة إسقاط نظام مبارك.


يقول تقرير الجارديان، والذي أعده مراسل الصحيفة في القاهرة، كريس مكاجريل، إن رفض الجيش الأحد مطالب المتظاهرين بالنقل السريع للسلطة إلى إدارة مدنية وإعلانه الحكم بقانون الطوارئ إلى حين إجراء الانتخابات في البلاد "شكَّل صفعة إضافية تُضاف إلى الضربة التي أقدم عليها الجيش في وقت سابق من اليوم نفسه عندما أرسل قواته لإخلاء ميدان التحرير من المعتصمين فيه بالقوة".


وتنقل الصحيفة عن محمود نصار، وهو أحد منظمي المظاهرات في ميدان التحرير، قوله: "إن الثورة مستمرة، فمطالبنا لم تتحقق بعد، والكل مدعوون للانضمام إلينا".


وفي تحقيق مطوَّل آخر للمراسل نفسه، بالاشتراك مع زميله جوليان بورجر، وتنشره الصحيفة على كامل صفحتيها الرابعة والخامسة عشرة، نقرأ المزيد عن تفاصيل معركة الشد والجذب بين العسكر ونشطاء الثورة.


يقول التحقيق، الذي جاء تحت عنوان "الثورة لم تكتمل. فإن غادرنا الميدان، فسوف تموت"، إن عتاة المتظاهرين يرابطون في مركز الزلزال (ميدان التحرير)، وإن فكك الجنود خيامهم.


مخاوف من العسكر
صحيفة الإندبندنت هي الأخرى تعزف على وتر المخاوف من عودة العسكر لإحكام قبضتهم على الحكم في مصر بعد رحيل مبارك، فتنشر تحقيقا لمراسلها في منطقة الشرق الأوسط، روبرت فيسك، جاء على كامل صفحتها الأولى بعنوان: "هل يُحكم الجيش قبضته على مصر؟"


يركِّز فيسك في تحقيقه على الخطوات التي اتخذها صديقا مبارك، أي وزير الدفاع، المشير حسين طنطاوي، ورئيس الوزراء، أحمد شفيق، بإخلاء المعتصمين من ميدان التحرير، وحل البرلمان بمجلسه، وتعليق العمل بالدستور، والإعلان بأن "الأولوية الآن هي للسلم وللأمن ولمنع الفوضى وغياب النظام".
يتوقع المراقبون أن يمتد تأثير ثورتي تونس ومصر إلى بلدان عربية أخرى.
ويرصد الكاتب في مقاله أيضا ردود الفعل العربية والدولية المختلفة على الثورة المصرية، وإن توقف مليا عند ردة فعل كل من المغرب والجزائر وليبيا.


يرى فيسك أن قادة تلك الدول فشلوا حتى بتهنئة مصر على نجاح ثورتها، وإن كان يرى الكاتب في الإقدام على مثل تلك الخطوة بمثابة الاعتراف بتوديع أولئك القادة والزعماء لعروشهم هم.


ومن سيل التحققات ومقالات الرأي والتحليل التي ترصد الهزات الارتدادية لزلزال مصر الكبير (الثورة)، إلى لغة الكاريكاتير الساخر، حيث نطالع على الصفحة الحادية والعشرين من التايمز رسما تزامن نشره مع عيد الحب "فالنتاين"، وإن كان موضوعه ذي صلة بما يشهده العالم العربي من تطورات جسام.


يظهر في الرسم قائد عربي ولَّى هاربا، وآخر أزيح عن كرسيه فطار في الجو، وأربعة آخرون لا يزالون يجلسون على كراسيِّهم، وإن تفاوتت درجات القلق والخوف على وجوههم وفي عيونهم.


وفي الوسط رسم لقلب كُتبت بداخله كلمات قصيدة قصيرة تقول كلماتها:


ذبُلت الزهور
وسُحق الخصوم
ولم يعد هنالك من طاغٍ مستبد!
إن الشعب إليكم آتٍ!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق