28 يناير 2013

3 فضائح لصفقات حكومة الإخوان تتحدى الخرسانة والزجاح العازل


منال لاشين تكتب : 3 فضائح لصفقات حكومة الإخوان تتحدى الخرسانة والزجاح العازل
 منال لاشين

مبكرا بدأ مرسى يعزل عنه داخل أسوار الاتحادية ويحيط القصر عالى الأسوار بمزيد من التحصينات المانعة للصوت والصورة.
 
الآن يتم تغيير زجاج نوافد قصر الاتحادية إلى زجاج مضاد للرصاص، عازل للصوت ومانع للرؤية. الآن يتم تغطية حمام السباحة بالقصر. ومنذ أحداث الاتحادية التى اندلعت عقب فضحية الانقلاب الدستورى ومرسى وموكبه وحراسته يغيرون فى اتجاهات المرور ومواعيد مغادرة القصر بحثا عن خروج آمن، ولكن كل محاولات العزلة والتكتيم والتعميم. ربما ينحج الزجاج الفاميه الغامق فى حجب رؤية ما يجرى داخل القصر، أو يمنع حمام السباحة الرئاسى المغطى أعين جيران مرسى. ربما تحمى هذه الإجراءات العاجلة المتعجلة معا كواليس ومشاهد تجرى فى القصر الرئاسى، لكن فى عالم السياسية لا يوجد حاجز قادر على حجب كل الحقائق. وبشكل خاص عندما تتعدى هذه الحقائق حدود الوطن، وتتخذ بعدا دوليا وعربيا وإقليميا.
 
بل إن بعض هذه الحقائق أو بالأحرى الفضائح تفجرت من داخل القصر الجمهورى نفسه. وخرجت من تحت أنف وسمع وتواجد مكثف لمساعدى مرسى من قيادات وأشاوش الإخوان. من متحدثين رسميين ومخططين من وراء الستار. وأمام عدسات المصورين وأهل الفضائيات التى سمح لهم المتحدث الرسمى بالحضور لالتقاط لحظات مجد لمرسى.
 
أتحدث عن صفقات الاقتصاد الخفى بين مرسى وحكومته وإخوانه من ناحية، وبين ثلاث دول عربية وإقليمية من ناحية أخرى.
 
أتحدث عن صفقات تمت فى الخفاء، والأخرى فى غيبة السوبر ماركت والثالثة لم تتم من الأساس. وبالنسبة للصفقة الأخيرة.. فإن الامتناع عن عقدها هو العار السياسى والاقتصادى فى حد ذاته.
 
وأحيانا تكون التهمة الامتناع عن فعل الصواب أو اتخاذ القرار السليم، فى بعض الأحيان.
 
يدير مرسى وإخوانه الاقتصاد المصرى على طريقة تجار العملة فى السبعينيات، فى تلك الحقبة كانت تجارة العملة غير مشروعة وصفقاتها تتم دوما فى الليل أو خلف الأسوار وتحت ستائر الكتمان. ورغم أن مرسى وحكومته قد صدعونا كل يوم بل وكل ساعة بحكايات الحوار المجمتعى. فإن علاقات مصر الاقتصادية مع الخارج تتم فى سرية وبدون أدنى شفافية. فنحن لا نعرف الإجابة عن أسئلة مهمة وخطيرة.
 
أسئلة من نوع لماذا حصلنا على قرض سلعى من تركيا ولم نحصل على قرض مشابه من دولة عربية شقيقة مثل الجزائر؟ أسئلة من نوع ما هى الوعود التى وعد بها خيرت الشاطر قيادات قطر ثم تراجعت عنها الحكومة المصرية؟ ولماذا رفض الوزراء الذين اختارهم مرسى بنفسه التوقيع عن صفقات الاستثمار المباشر مع قطر؟
 
منذ وصول الإخوان للحكم وقطر هى كعبة الاستثمار والعلاقات الاقتصادية. وفى النصف ساعة الأولى لحكم مرسى تحدث الإخوان عن استثمارات قطرية بـ18 مليار دولار. فى شكل مشروعات استثمارية مع قطر. مشروع عقارى سياحى عملاق فى الساحل الشمالى وهذا المشروع بنحو 10 مليارات دولار. والآخر بنحو 8 مليارات جنيه وهو مشروع لتوليد الكهرباء والخدمات فى المنطقة المجاورة لقناة السويس.
 
لم نعرف الدوافع الاقتصادية لتفضيل قطر ومنحها هذه المشروعات عن غيرها من الدول العربية الشقيقة. ولكن الأخطر أننا لم نعرف شروط وتفاصيل الصفقتين.
 
تفاصيل محورية من نوع ثمن الأرض ونوع التعاقد حق انتفاع أم بيع آخر لأراضى مصر. لم نعرف الطرف الذى سيتحمل الكهرباء وبقية مكونات البنية الأساسية. ولا الجدول الزمنى لتنفيذ المشروعات والحوافز الاستثمارية التى ستحصل عليها قطر وشركاتها ولا حتى القوانين المصرية التى ستطبق على الصفقة.
 
كل ما نعرفة تصريحات عائمة من الشاطر وشريكه حسن مالك. وتصريحات مكررة من رئيس الحكومة هشام قنديل. ولكن الأسبوع الماضى حدثت مفاجأة غير سارة للإخوان. خلال المؤتمر الصحفى لرئيس وزراء قطر حمد بن جاسم كشف الرجل عن خلافات بين الجانيين المصرى والقطرى حول تنفيذ المشروعات وأنهما لجآ إلى مكتب فنى دولى.
 
ما لم يقله رئيس وزراء قطر أن معظم الوزارء المعنيين فى حكومة هشام قنديل قد أبدوا اعتراضات على الطريقة العشوائية التى كان سيتم بها تنفيذ المشروعات. وأن كل المستشارين القانونيين بهذه الوزارات قد حذروا من التسرع فى تنفيذ المشروعات. مالم يكشف عنه حمد هو الطرف الذى سيدفع أتعاب المكتب الاستشارى الأجنبى وأتوجس أن يقوم الطرف القطرى بتحمل التكاليف بحجة الأزمة المالية. ولكننى أخشى من عدم إعلان الحكومة عن تفاصيل الخلاف التى سيحسمها المكتب الاستشارى الدولى. فنحن أمام صفقات سرية لا يعلم الشعب المصرى عنها شيئا. ولم تنظر أو حتى تعرض على مجلس الشورى ذى الأغلبية من تيار الإسلام السياسى. فلم يستعرض قنديل ولا وزارؤه جميع تفاصيل الاتفاق المبدئى مع قطر. وهذه المشروعات العملاقة والكبرى تكاد تماثل فى حجمها وخطورتها اتفاقيات التنقيب عن البترول والغاز وكلاهما يعرض على البرلمان.
 
بالطبع أدرك أن قطر أمدت مصر بقروض مليارية ومنح، ولكن لا يجب أن يتم الربط بين هذا وذاك. فقد تخسر مصر من جراء هذه الصفقات أضعاف ما دفعته قطر كقروض ومنح. وقد نكتشف أن الامتيازات أو الحوافز التى قدمت لقطر فى المشروعين العملاقين أكبر مما دفعته قطر فى شكل دعم. فقد كشفت تجربة دول أمريكا اللاتينية أن الوضع الأفضل للحكومات هو عرض قائمة مشروعات على المستثمرين بشكل عام. وذلك دون الدخول فى صفقات مباشرة مع الدول. وقد كان من أهم أسباب أزمة دول شرق أسيا فى منتصف التسعينيات تورط الحكومات فى صفقات ثنائية. فتحمل حكومات دول شرق أسيا للكهرباء والبنية الأساسية زادت من الأعباء والتزامات هذه الدول. واحتدمت الأزمة مع زيادة أسعار الدولار، وقد أدى هذا الوضع إلى عجز خرافى فى موازنات هذه الدول.
 
ولذلك.. فإن السؤال عن تفاصيل الصفقتين هو سؤال مشروع وفرض عين. عايزين نعرف على بلاطة ماذا ستحقق قطر من وراء المشروعين من أرباح؟
 
 
الأسبوع الماضى زار اقتصادى جزائرى بلده عدة أيام، وقابل خلال هذه الزيارة مسئولين حكوميين ومستشارين للدولة وعدد من الخبراء الاقتصاديين. وتطرقت الحوارات إلى العلاقة مع الشقيقة الكبرى مصر. والزيارة التى قام بها رئيس الحكومة للجزائر.
 
فمنذ أشهر زار رئيس الحكومة الدكتور هشام قنديل الجزائر والتقطت له الصور، وأقيمت له استقبالات ومآدب رسمية. وكان فى معية قنديل رجال أعمال ضمن وفد ضخم. وكان المسئولين فى الجزائر فى انتظار أن يطلب قنديل قرضا سلعيا أو ماليا منهم. فمصر تمر بأزمة اقتصادية حادة. والجزائر دولة غنية لديها فائض مالى بنحو 180 مليار دولار. ومصر تستورد منها الحصة الأكبر من استهلاكها من غاز البوتجاز. ولذلك فقد كانت الجزائر هى الدولة أو بالأحرى الشقيقة الأقرب والأولى بطلب قرض منها. وكان من الممكن أن يقسم القرض إلى قسمين.. أحدهما مالى، والآخر سلعى فى شكل غاز بوتاجاز. وبذلك توفر الحكومة جانبًا من نزيف الاحتياطى النقدى الذى نشترى به غاز البوتاجاز. وفى حالة القرض السلعى من الجزائر.. فإن الأمور ستكون واضحة وسلسلة. تقوم الحكومة باستيرداد الغاز من الجزائر على دفعات كقرض سلعى، وتتسلم الهيئة العامة للبترول وشركاتها الدفعات. فالعلاقة هنا مباشرة وحكومية من الألف إلى الياء.
 
ولكن قنديل عاد بخفى حنين من الجزائر. وقد تصورت مثل غيرى أن الجزائر رفضت إقراض مصر، وأن تصريحات قنديل بعد الزيارة ونفيه طلب قرض من الجزائر نوع من تصريحات حفظ ماء الوجه. ولكن ما يثير الدهشة والريبة معا ألا تفكر مصر فى طلب قرض أو دعم من الجزائر لخروجها من الأزمة الاقتصادية. والأخطر ألا يتم عرض حتى مشروعات استثمارية فى مصر على الأشقاء فى الجزائر. وذلك على الرغم من أن الجزائر قد قدمت مساعدات عديدة قبل وبعد ثورة 25 يناير لمصر من خلال بعض التسهيلات فى صفقات استيرداد غاز البوتاجاز.
 
فى الوقت الذى لم تسع مصر للقرض الغاز من الجزائر، فإنها قبلت فى الوقت نفسه وربما سعت إلى قرض سلعى من تركيا. لقد أثار القرض التركى البالغ 2 مليار اعتراضات من بعض النواب الأتراك. وبدا لهم القرض مثيرا للرفض. فى حين أننا لو حصلنا على قرض من الجزائر لبدا الوضع أكثر منطقيا. فمصر والجزائر دولتان عربيتان، وقد ساندت مصر عبدالناصر الثورة الجزائرية، ولمصر فى النخبة الجزائرية والسياسية أصدقاء وداعمون وعارفين بفضلها. ولكن المشكلة فى القرض السلعى التركى. فنحن لا نعرف حتى الآن ما هى السلع التى سنستوردها من تركيا بمليار دولار. هل لهذه السلع بدائل فى الصناعة المصرية والمنتجات المصرية. ومن الذى قام باختيار السلع. هل للقطاع الخاص علاقة بالقرض السلعى من تركيا. من الذى أعد تقييم أسعار هذه السلع. أسئلة كثيرة تخبئ حكومة مرسى الإجابة عنها. ولكن لم يمر وقت طويل وإلا سيكشف الستار عن إجابات كل هذه السلع. فتركيا لم تستطع التكمتم على الصفقة. وخاصة داخل البرلمان التركى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق