آخر الأخبار

التواصل

دنيا البنات

29 فبراير 2012

سويسرا بلد الجمال


تعتبر سويسرا من أجمل البلدان التى خلقها الله وتتميز بجمال طبيعى خلاب وفيما يلى بعض المعلومات عن بلد الجمال ( سويسرا )


الأرض    
 
أرض سويسرا جبلية في جملتها ،فحوالي 7% من مساحتها من مرتفعات جبال الألب ،وهذا القطاع يضم 30% من السكان وتنحدر بمقدمات نحو الهضبة السويسرية. وتضم هذه المقدمات عدة بحيرات، وتنقسم جبال الألب إلى عدة سلاسل ،وأعلى قمة في الألب السويسرية (مونتي روزا). وتشغل سويسرا قسماً منجبال جورا حيث يتبعها القسم الجنوبي الشرقي من هذه الجبال ،وتحتوي العديد من الأودية والحافات ،وتخترقها بعض الممرات ، وتمتد الهضبة السويسرية على شكل دهليز بين جبال الألب وجبال جورا، ويختلف ارتفاع الهضبة من مكان إلى آخر، وتشكل تلك التقسيمات الجبلية معاً مساحة تقدر ب41,285 كيلمتر مربع من مساحة البلد. وقد أعطتها طبيعتها الجبلية الغنية بالغابات قيمة سياحية عظيمة .وتنحصر الجبال بين العديد من الثلاجات مثل (الينش ) و(جورنرفيزتش) ، وهذه الثلاجات مصدر سياحي هام ،وتنتشر بسويسرا البحيرات العذبة .


المناخ
 

ينتمي مناخ سويسرا إلى طراز وسط أوروبا (المناخ الألبي) والمناخ بارد بصفة عامة حيث تغطي الثلوج معظم أرضها في الشتاء وتتحول إلى ثلاجات استغلها السويسريون في السياحة لمزاولة الانزلاق على الجليد ،وتهب من الجبال (الفهن ) إلى الأودية ،فتؤثر قي مناخ المناطق المنخفضة ،والتساقط غزير ، ويسودها صيف دافيء في المناطق الهضبية وعلى الأودية المنخفضة . ولكن المناخ بصفه عامه مناخ رائع سواء كان باردا في الشتاء أو دافئا في الصيف حيث الطبيعة الخلابة والمناظر الرائعة تداعب عينيك فلاترى إلا الجمال ولا تشعر بتقلبات الجو .


السكان
 

يبلغ عدد سكان سويسرا تقريباُ 7.8 مليون نسمة ويعيش معظم السكان في مناطق الهضبة السويسرية حيث تتركز مدن البلاد الرئيسية بينها مدينتان عالميتان هما جنيفوزيورخ إضافة إلى مدن مثل بازل، ولوزان. ويقل الكثافة السكانية على المرتفعات ،وينتمي السكان إلى الجماعات الألمانية ، ويشكلون أغلب سكان سويسرا ،ويتحدث 75% من السكان الألمانية ،ومن بين السكان عناصر فرنسية فحوالي 20% من جملة السكان يتحدثون الفرنسية ،كما توجد عناصر إيطالية وحوالي 4% من السكان يتحدثون الإيطالية ،ويوجد بين السويسريين عدد كبير من الأجانب يقارب مليون نسمة 80% منهم قادمون من دول الاتحاد الأوروبي بحسب تقارير الأمم المتحدة تعاني طبقة الأجانب غير الأوروبية من العنصرية، خاصة بالسنوات الأخيرة من خلال فوز حسب الشعب السويسري بالانتخابات الفدرالية، إذ اصدر هذا الحزب من توليه السلطة قوانين ضد الأجانب غير الأوروبيين، وعقد اتفاقيات مع دول الاتحاد الأوروبي لتفضيل الأجانب الاوربيين بسوق العمل السويسري.


النشاط البشري
 

سويسرا دولة متقدمة، وتعتبر من أكثر بلدان العالم ثراءً حسب دخل الفرد إذ يصل دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 67,384 دولار أمريكي.

كما أن زيورخوجنيف احتلتا متتاليتين المركزين الثاني والثالث في ترتيب أعلى مستوى للحياة في مدن العالم.
ويعود ارتفاع دخل الفرد إلى مستوي عال، نتيجةً لتنوع الأنشطة الاقتصادية حيث تُمارس الزراعة في الوديان المنخفضة وفوق الهضبة الوسطي، وتبلغ نسبة العاملين بالزراعة حوالي 4% من القوة العاملة ، وتنتج سويسرا 50% من حاجتها من المواد الزراعية ، وأهم الغلات الحبوب، مثل القمح والشيلم والجودار والبطاطس والفاكهة مثل التفاح والعنب والزراعة مختلطة أي تربي الحيوانات في مناطق الزراعة، مما يزيد دخل المزارعين وهناك حركة الرعي على سفوح الجبال في فصل الصيف. وتشتهر سويسرا بمنتجات الألبان، وتصدر للخارج كميات كبيرة، ولاتفي الزراعة بحاجة السكان، وتغطي الغابات مساحات كبيرة في الأراضي السويسرية، غير أن البلاد فقيرة الموارد المعدنية، وكذلك وضعها في مواد الطاقة، غير أنها غنية بالقوة الكهربائية المولدة من المساقط المائية، وتشتهر بالصناعات الدقيقة كالساعات، الآلات الدقيقة، الأدوات الطبية، الكيميائيات والأدوات الكهربائية. وتعتبر الصناعة دعامة الدخل القومي السويسري، وتشكل السياحة موردا هاما في الدخل السويسري.إلى جانب تداول الأوراق المالية على مستوى العالم.


الدراسة في سويسرا
 

تحتل سويسرا المركز الأول في أوروبا من حيث أكبر عدد للطلاب الأجانب وثاني دولة في العالم بالنسبة لإجمالي عدد الطلبة في البلاد  وتضم أكبر عدد من المبدعين الحائزين على جوائز نوبل (بالنسبة لعدد السكان) وتحتل سويسرا المرتبة الأولى في العالم من حيث المنشورات العلمية. و تصنف جامعة زيورخ ETH تصنف ثالث أفضل جامعة في أوروبا وجامعة بازل عمرها أكثر من 549 سنة وواحدة من أقدم جامعات العالم 
تصل نسبة الطلبة الأجانب في الجامعات السويسرية إلى 23% 

وهم على الشكل التالي

  • من أوروبا 73%
  1. من ألمانيا 24%
  2. من فرنسا 14%
  3. من إيطاليا 7%
  4. من النمسا 2%
  5. من إمارة ليختينشتاين 2%
  6. من باقي دول أوروبا 24%
  • من أفريقيا 10%
  • من آسيا 9%
  • من العالم الجديد 8%
بعض اهم الجامعات السويسرية

  1. جامعة سانت جالن (University of St.Gallen)
  2. جامعة زيورخ (University of Zurich) 
  3. المعهد الفدرالي السويسري (Swiss Federal Institute of Technology) 
  4. جامعة بازل (University of Basel) 
  5. جامعة لوتزرن (University of Lucerne) 
  6. الجامعة الدولية للفنادق و السياحة في لوتزرن (IMI university centre) 
  7. جامعة نيوشاتيل (University of Neuchâtel) 
  8. جامعة برن (University of Bern) 
  9. جامعة فريبورج (University of Fribourg)
  10. جامعة لوجانو (Università della Svizzera italiana)
  11. المعهد الفدرالي في لوزان (Swiss Federal Institute of Technology, Lausanne) 
  12. جامعة لوزان (University of Lausanne) 
  13. جامعة جنيف (University of Geneve) 
اللغة                                                  
 

يوجد في سويسرا أربع لغات رسمية: الألمانية، الفرنسية، الإيطالية،الرومانشية. يتحدث غالبية سكان شمال ووسط سويسرا بالألمانية في الغرب، و هناك القليل ممن يتحدثون الفرنسية و الإيطالية في الجنوب و مناطق الجبال لكن تعتبر سويسرا من دول ال دوتشا (deutch) و هم من سلالات ألمانية.


الديانات
سويسرا بلد علماني بطبيعته ولايوجد دين رسمي للدولة ولكن دستورها الفدرالي مازال مُستهلا بعبارة "باسم الرب".والديانة الشائعة فيها هي المسيحيةبكلا المذهبين البروتستانتي والكاثوليكي، ولكن الأغلبية في سويسرا هم من الكاثوليك 41.8 % ثم البروتستانت 35.3 % ، وتوجد نسبة 11.1 % لاتدين بعقيدة معينة.
بالنسبة للإسلام فيشكل أتباعه 4.3 % من السكان (أغلبهم كوسوفيون، بوسنيون وأتراك). والأرثوذكس الشرقيون 1.8 % وهما من الأديان التي يتبعها أبناء الأقليات ومنهم المهاجرين إلى البلاد.
في الاستقصاء الإحصائي التابع لليوروباروميتر "Eurobarometer"

 وجد أن 48 % من السويسريين المستقصاة آرائهم اعتبروا أنفسهم "مؤمنين بوجود إله"، فيما عبر 39 % عن اعتقادهم في وجود "روح أو قدرة ما في الحياة". و 9% ملحدون فيما ذكر 4 % أنهم لا أدريون. وفي 2003 وجد غريللي "Greeley"
 أن 27 % من السكان لايؤمنون بوجود إله.
وتتوزع النسبة الباقية 4 % على الجماعات المسيحية الأخرى و أتباع الديانات اليهودية والبوذية والهندوسية.


الأعياد و العطل
 

تختلف أيام العطل الرسمية في سويسرا من كانتون إلى آخر. واليك أدناه لائحة تتضمن أهم الأعياد في الكونفدرالية. الفاتح من يناير / كانون الثاني. يوم الجمعة الحزين. أحد الفصح. اثنين الفصح. الفاتح من مايو/أيار. يحتفل به فقط في بعض الكانتونات مثل مدينة بازل وجنيف وزيوريخ. عيد الصعود أو خميس الصعود. أحد العنصرة. اثنين العنصرة. (عيد الجسد أو عيد القربان) تحتفل به الكانتونات الكاثوليكية فقط. (الفاتح من أغسطس آب. ) العيد الوطني للكونفدرالية. (الـ15 من أغسطس/آب ) عيد الصعود في الكانتونات الكاثوليكية. (الأحد الثاني من شهر سبتمبر/ أيلول ) اليوم الفدرالي للصلاة. (الفاتح من نوفمبر/ تشرين الثاني ) عيد جميع القديسين، فقط في الكانتونات الكاثوليكية. الـ25 من ديسمبر/ كانون الأول. الـ26 من ديسمبر/ كانون الأول.


التاريخ
 

اتحدت مناطق شفوتز، اونترفالدن و أوري عام 1291 و شكلت بذلك ما يُعرف اليوم بسويسرا. حصلت البلاد على استقلالها من الامبراطورية الرومانية المقدسة عام1499. سويسرا تتبع سياسة محايدة يعود تاريخها إلى عام 1515،بعد هزيمتها أمام فرنسا في معركة مارينيانو. أُعلنت سويسرا عام 1848 دولة اتحادية. حافظت الدولة السويسرية على حيادها في الحروب العالمية الأولى و الثانية. أصبحت جنيف عام 1919 مقر عصبة الامم المتحدة. أُصدرت عام 1949 معاهدة جنيف الدولية، لحماية المدنيين أثناء الحروب. أُدخلت تعديلات عدة على الدستور السويسري عام 1999



  السيــــــاسة  
النظام السياسي

في سويسرا، كما في معظم دول سيادة القانون، تفصل السلطات بين ثلاث مجالات: التشريعي، والتنفيذي والقضائي.
السلطة التشريعية (البرلمان) هي المُشرع. غرفتا البرلمان (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) تناقشان تعديلات الدستور، وتصدران القوانين الفدرالية، والمراسيم الفدرالية، وتقبلان معاهدات القانون العام. كما تنتخبان أعضاء الحكومة الفدرالية وتراقبان الإدارة الفدرالية.
تتكون السلطة التنفيذية من الحكومة الفدرالية وإدارتها. تمثل أعلى سلطة قيادية في البلاد وهي مسؤولة عن النشاط الحكومي. تشارك أيضا في العملية التشريعية بتوجيه المرحة التحضيرية خلال بلورة القوانين، وبتقديم القوانين والمراسيم الفدرالية إلى البرلمان.
أما السلطة القضائية، التي تسمى أيضا السلطة الثالثة، فهي تتألف من المحاكم. وعلى المستوى الفدرالي، يتعلق الأمر بالمحكمة الفدرالية والمحكمة الجنائية الفدرالية والمحكمة الإدارية الفدراليية.


السياسة الخارجية
حمت السياسة الخارجية المحايدة الصارمة سويسرا من ويلات الحروب التي عصفت بأوروبا على مدى القرون الماضية. أصبحت سويسرا عضواً عام 1960 في لمنظمة التجارة الحرة الأوروبية (EFTA) و عام 1963 في المجلس الأوروبي. رفض السويسريون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في استفتاء أُقيم عام 1992

هجر المسلم المشروع والممنوع

هجر المسلم...المشروع منه والممنوع

28 فبراير 2012

آية المنافق ثلاث


 في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا عاهد أخلف، وإذا خاصم فجر)
فما هو شرح هذا الحديث ؟



الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن المنافقين بخصال لحذرنا منها حتى نبتعد منها يقول - صلى الله عليه وسلم -: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان) يحذرنا من إخلاف الوعد، ومن الكذب في الحديث والأخبار، ومن الخيانة في الأمانة وأنها من خصال النفاق نعوذ بالله، فيجب الحذر منها، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (أربعٌ من كنَّ فيه كان منافقاً خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر وإذا عاهد غدر) رواه الشيخان من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -. فهذا يدل على أن المنافق من خصاله إخلاف الوعد والكذب في الحديث والخيانة في الأمانة وأنه إذا خاصم فجر، ومن الفجور التوسع في المعصية والكذب، وإذا عاهد غدر إذا عاهد إخوانه أو عاهد الكفار غدر بهم فلم يوف بالعهد لضعف إيمانه أو عدم إيمانه، وإذا خاصم كذب في خصومته، وتوسع في الكذب والفجور وظلم لعدم إيمانه أو لضعف إيمانه، فالفجور هو التوسع في المعصية وإظهارها ــ فالحاصل أنه يتوسع في الكذب والعدوان على الخصم واللدد في الخصومة، لضعف إيمانه أو عدم إيمانه نعوذ بالله، هكذا شأن المنافقين لعدم إيمانهم ولهم صفات بينها الله في القرآن غير هذه الصفات قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء) هذه من صفاتهم، الخداع والمكر والعدوان على الناس، ومن خصالهم التكاسل عن الصلاة والتثاقل عنها، وقلة الذكر، يعني يغلب عليهم الغفلة، ومن خصالهم الرياء في أعمالهم يصلون رياءً يتصدقون رياءً يدعون الله رياءً، ومن خصالهم الخبيثة أنهم مالهم ثبات عندهم تردد تارةً مع المؤمنين وتارةً مع الكافرين، قد ترددوا في دينهم وتذبذبوا ولهذا قال: (مذبذبين) يعني ليس لهم ثبات، لا مع أهل الحق ولا مع أهل الباطل، هم مع من رأوا المصلحة أن يكونوا معه في دنياهم، فإن نصر الكفار صاروا معهم، وإن نصر المؤمنون صاروا معهم لطلب الدنيا والأمان ونحو ذلك نسأل الله العافية هذه حالهم عدم الثبات.

ماذا تعرف عن معركة تبريز


 كانت الدولة العثمانية السنية تعتبر زعيمة العالم الإسلامي السني، وحامية الأمم والممالك الإسلامية في أرجاء المعمورة، وكانت الدولة الصفوية الرافضية تعتبر نفسها حامية المذهب الشيعي الرافضي، وكان كلتا الدولتين في حالة صراع مستمر منذ ظهور الدولة الصفوية سنة 908هـ، بسبب معاداة الصفويين الشديدة لأهل السنة عمومًا والعثمانيين خصوصًا، وقيام الصفويين من أجل ذلك بموالاة ومحالفة كل أعداء الإسلام ضد العثمانيين، وكان الصراع على أشده بين الدولتين على منطقة العراق.
عندما تولى السلطان مراد الرابع سنة 1032هـ، كان يبلغ من العمر 14 عامًا، ولصغر سنة استبد زعماء الانشكارية، وتمرد كل طامع، خاصة أن ولاية مراد الرابع جاءت في فترة عصيبة شهدت عزل وقتل عدد من السلاطين قبله، وتبدأ فصول المعركة بقيام قائد شرطة بغداد «بكير أغا» بقتل الوالي وتسلم الأمر مكانه، فأرسلت له الدولة العثمانية قوة بقيادة حافظ باشا، فحاصره في بغداد، فاتصل «بكير أغا» بزعيم الدولة الصفوية «الشاه عباس» وعرض عليه تسليم المدينة على أن يكون هو الوالي عليها، فوجد الشاه عباس في ذلك العرض فرصة لا تعوض، فأسرع بجيوشه إلى بغداد.
شعر «بكير أغا» بفادح غلطته فاتصل بالقائد العثماني وعرض عليه تسليم المدينة فوافق القائد ودخل المدينة قبل وصول الشاه، فلما وصل الشاه إليها ضرب عليها حصارًا شديدًا، فغير بكير أغا بوصلة أطماعه مرة أخرى ناحية الشاه عباس وعرض عليه تسليم المدينة فوافق، وخان بكير أغا الدولة، ودخل الشاه بغداد وكان أول ما فعله أن قتل بكير أغا وولده وهكذا جزاء الخائنين.
كانت الدولة العثمانية وقتها مشغولة بالقضاء على بعض الفتن الداخلية، ولما انتهى السلطان مراد الرابع من القضاء عليها، أرسل الصدر الأعظم على رأس جيش لاستعادة بغداد، ولكن الانكشارية كرهوا القتال ونكلوا عنه وثاروا على الصدر الأعظم، فتأثر السلطان من ثورتهم وفسادهم وقرر أن يقود الجيوش بنفسه، وسار مراد الرابع إلى الصفويين وفتح عددًا من قلاعهم ثم انطلق إلى مدينة تبريز عاصمة الدولة الصفوية ودخلها بعد معركة عنيفة في 28 ربيع الأول 1045هـ 10 سبتمبر 1635م، وقد انتقم مراد الرابع من الدولة الصفوية بأن قتل جيشها المدافع عن بغداد بعد ذلك ولم يبق على أسير.




27 فبراير 2012

كيف‏ ‏تصبح‏ ‏أكثر‏ ‏سعادة؟


عندما‏ ‏تقرأ‏ ‏كتاب‏ ‏كيف‏ ‏تصبح‏ ‏أكثر‏ ‏سعادة‏ .. ‏للأستاذ‏ ‏هارفارد‏ ‏تالبن‏ ‏شاهار‏ ‏تدرك‏ ‏أنه‏ ‏كما‏ ‏قال‏ ‏إبراهام‏ ‏لينكولن‏ ‏من‏ ‏قبل‏: ‏السعادة‏ ‏هي‏ ‏اختيار‏ ‏شخص‏ ‏إما‏ ‏اتخذته‏ ‏أو‏ ‏أعرضت‏ ‏عنه‏, ‏ولكن‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏تفعيل‏ ‏القرار‏ ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏تتعلم‏ ‏كيف‏ ‏تفهم‏ ‏نفسك‏ ‏وكيف‏ ‏تحدد‏ ‏أهدافك‏ ‏بما‏ ‏يسعدك‏ ‏أنت‏, ‏وكيف‏ ‏تشاطر‏ ‏هذه‏ ‏السعادة‏ ‏مع‏ ‏غيرك‏ ‏فتنعكس‏ ‏عليك‏ ‏بدورها‏.‏
يبدأ‏ ‏الكاتب‏ ‏في‏ ‏سرد‏ ‏الأحداث‏ ‏التي‏ ‏أدت‏ ‏إلي‏ ‏تفكيره‏ ‏في‏ ‏مفهوم‏ ‏السعادة‏ ‏بشكل‏ ‏جدي‏ ‏حتي‏ ‏وصل‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏أصبح‏ ‏تحديد‏ ‏مفهومها‏ ‏وكيفية‏ ‏تحقيقها‏ ‏هدف‏ ‏حياته‏ ‏ومحور‏ ‏عمله‏ .. ‏كان‏ ‏في‏ ‏السادسة‏ ‏عشرة‏ ‏من‏ ‏عمره‏ ‏عندما‏ ‏استطاع‏ ‏الفوز‏ ‏ببطولة‏ ‏إحدي‏ ‏البطولات‏ ‏الرياضية‏ ‏في‏ ‏بلاده‏.. ‏ولأن‏ ‏الفوز‏ ‏كان‏ ‏هدفه‏ ‏الأسمي‏ ‏حينذاك‏ ‏والذي‏ ‏ظل‏ ‏يسعي‏ ‏إليه‏ ‏حثيثا‏.. ‏وأرهق‏ ‏نفسه‏ ‏ولذلك‏ ‏بذل‏ ‏جهده‏ ‏لتحقيقه‏ ‏ظنا‏ ‏منه‏ ‏أنه‏ ‏بذلك‏ ‏سشيعر‏ ‏بسعادة‏ ‏قصوي‏ ‏تملأ‏ ‏ذلك‏ ‏الفراغ‏ ‏النفسي‏ ‏الذي‏ ‏لازمه‏ ‏لفترة‏.. ‏شعر‏ ‏بالفعل‏ ‏لدي‏ ‏فوزه‏ ‏بسعادة‏ ‏غامرة‏, ‏ولكن‏ ‏ما‏ ‏حدث‏ ‏عقب‏ ‏ذلك‏ ‏جعله‏ ‏يتوقف‏ ‏ويعيد‏ ‏التفكير‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏كلها‏.. ‏فقد‏ ‏أعقب‏ ‏السعادة‏ ‏الكبري‏ ‏بالفوز‏ ‏شعور‏ ‏آخر‏ ‏بالخواء‏ ‏وكأنه‏ ‏يقول‏ ‏لنفسه‏ : ‏هل‏ ‏كان‏ ‏الأمر‏ ‏يستحق‏ ‏كل‏ ‏العناء‏ ‏والحرمان‏, ‏ماذا‏ ‏بعد‏ ‏وكيف‏ ‏أستمر‏ ‏علي‏ ‏هذه‏ ‏السعادة‏ ‏التي‏ ‏سرعان‏ ‏ما‏ ‏قلت‏ ‏حدتها؟

وبعد‏ ‏سنوات‏ ‏من‏ ‏البحث‏ ‏عرف‏ ‏الرجل‏ ‏أين‏ ‏الخلل‏, ‏وفي‏ ‏كتابه‏ ‏يعطي‏ ‏مثالا‏ ‏يقسم‏ ‏البشر‏ ‏إلي‏ ‏أصناف‏ ‏أربعة‏ ‏إذا‏ ‏ما‏ ‏فهمناها‏ ‏واستطعنا‏ ‏التفريق‏ ‏بينها‏ ‏اتضح‏ ‏لدينا‏ ‏طريق‏ ‏السعادة‏ ‏التي‏ ‏فطر‏ ‏الله‏ ‏الناس‏ ‏ليسيروا‏ ‏عليه‏.‏

أين‏ ‏أنت‏ ‏من‏ ‏هؤلاء؟
من‏ ‏أجل‏ ‏تصور‏ ‏الأنماط‏ ‏الأربعة‏ ‏يضرب‏ ‏الكاتب‏ ‏المثال‏ ‏بأربعة‏ ‏أنواع‏ ‏من‏ ‏شطائر‏ ‏الهامبورجر‏.. ‏الشطيرة‏ ‏الأولي‏ ‏مليئة‏ ‏بالدهون‏ ‏المشبعة‏ ‏وما‏ ‏لذ‏ ‏وطاب‏ ‏من‏ ‏الإضافات‏ ‏التي‏ ‏تعطي‏ ‏المرء‏ ‏إحساسا‏ ‏بالسعادة‏ ‏والمذاق‏ ‏الرائع‏  ‏لدي‏ ‏متناولها‏, ‏ولكنها‏ ‏تدمر‏ ‏صحته‏ ‏في‏ ‏المستقبل‏, ‏وهذا‏ ‏النوع‏ ‏من‏ ‏البشر‏ ‏هو‏ ‏النموذج‏ ‏الآتي‏ Hedonist ‏وهو‏ ‏الذي‏ ‏يبتغي‏ ‏السعادة‏ ‏في‏ ‏ملذات‏ ‏ومباهج‏ ‏الحاضر‏ ‏والاستكثار‏ ‏منها‏ ‏بدون‏ ‏التفكير‏ ‏في‏ ‏المستقبل‏ ‏أو‏ ‏عودتها‏.. ‏وهذا‏ ‏الإنسان‏ ‏مهما‏ ‏تخيل‏ ‏أنه‏ ‏سعيد‏ ‏إلا‏ ‏أنه‏ ‏يعد‏ ‏أبعد‏ ‏ما‏ ‏يكون‏ ‏عن‏ ‏درب‏ ‏السعادة‏.. ‏وفي‏ ‏هذا‏ ‏الصدد‏ ‏يضرب‏ ‏الكاتب‏ ‏مثلا‏ ‏برواية‏ ‏نطاق‏ ‏الشفق‏.. ‏الكلاسيكية‏ ‏التي‏ ‏تحكي‏ ‏قصة‏ ‏مجرم‏ ‏شرير‏ ‏كانت‏ ‏الشرطة‏ ‏تطارده‏ ‏حتي‏ ‏اطلقت‏ ‏عليه‏ ‏الرصاص‏ ‏فمات‏.. ‏فإذا‏ ‏به‏ ‏يقابل‏ ‏ملكا‏ ‏من‏ ‏الملائكة‏.. ‏فاستغرب‏ ‏الرجل‏ ‏لأنه‏ ‏يقابل‏ ‏ملائكة‏ ‏الجنة‏ ‏رغم‏ ‏أنه‏ ‏كان‏ ‏يعرف‏ ‏مقدار‏ ‏شره‏ ‏ومكره‏ ‏وعمله‏ ‏السيئ‏.‏

فقال‏ ‏له‏ ‏الملاك‏ ‏تمن‏ ‏أي‏ ‏أمنية‏ ‏نحققها‏ ‏لك‏ ‏علي‏ ‏التو‏.. ‏فتمني‏ ‏الرجل‏ ‏المال‏ ‏والطعام‏ ‏الشهي‏ ‏والنساء‏.. ‏إلي‏ ‏آخر‏ ‏الملذات‏ ‏وكلما‏ ‏أراد‏ ‏شيئا‏ ‏تحقق‏ ‏له‏ ‏علي‏ ‏الفور‏.. ‏وبعد‏ ‏فترة‏ ‏شعر‏ ‏الرجل‏ ‏بخواء‏ ‏وتعاسة‏ ‏ووحدة‏ ‏رهيبة‏.. ‏ولم‏ ‏يعرف‏ ‏كيف‏ ‏يفسر‏ ‏الأمر‏ ‏رغم‏ ‏غرابته‏.. ‏فإذا‏ ‏به‏ ‏يطلب‏ ‏من‏ ‏الملاك‏ ‏أن‏ ‏يغير‏ ‏له‏ ‏مكانه‏.. ‏فهو‏ ‏لم‏ ‏يشعر‏ ‏في‏ ‏تلك‏ ‏الجنة‏ ‏رغم‏ ‏طلباته‏ ‏المستجابة‏ ‏سوي‏ ‏بالفراغ‏ ‏والوحدة‏ ‏والتوهان‏.. ‏وقال‏ ‏للملاك‏: ‏اذهب‏ ‏بي‏ ‏إلي‏ ‏المكان‏ ‏الآخر‏ ‏يقصد‏ ‏جهنم‏.. ‏فأنا‏ ‏لم‏ ‏أجد‏ ‏السعادة‏.. ‏فإذا‏ ‏بالملاك‏ ‏وجهه‏ ‏يتحول‏ ‏ويبتسم‏ ‏ابتسامة‏ ‏ماكرة‏ ‏قائلا‏: ‏أنت‏ ‏في‏ ‏المكان‏ ‏الآخر‏!‏
 
هذه‏ ‏القصة‏ ‏رغم‏ ‏قصرها‏ ‏فإنها‏ ‏بالغة‏ ‏الدلالة‏ ‏والعبقرية‏. ‏فاللذة‏ ‏أو‏ ‏المتعة‏ ‏التي‏ ‏لا‏ ‏يبذل‏ ‏فيها‏ ‏جهد‏, ‏وحيث‏ ‏غياب‏ ‏الهدف‏ ‏والتحدي‏ ‏وألفة‏ ‏البشر‏ ‏مهما‏ ‏يكن‏ ‏هناك‏ ‏من‏ ‏نعيم‏ ‏هي‏ ‏عين‏ ‏العذاب‏.‏
وهكذا‏ ‏حال‏ ‏الساعي‏ ‏وراء‏ ‏ملذات‏ ‏اللحظة‏ ‏والذي‏ ‏لا‏ ‏يفكر‏ ‏في‏ ‏المستقبل‏ ‏ولا‏ ‏يحدد‏ ‏أهدافا‏ ‏يحققها‏ ‏ولا‏ ‏يتحدي‏ ‏نفسه‏.. ‏سرعان‏ ‏ما‏ ‏يشعر‏ ‏بالتعاسة‏ ‏والفراغ‏ ‏النفسي‏.. ‏فمشكلة‏ ‏هذا‏ ‏النوع‏ ‏أنه‏ ‏يضع‏ ‏علي‏ ‏قدم‏ ‏المساواة‏ ‏العمل‏ ‏والألم‏, ‏وعلي‏ ‏جانب‏ ‏آخر‏ ‏المتعة‏ ‏اللحظية‏ ‏والسعادة‏ ‏الدائمة‏.. ‏وهو‏ ‏ما‏ ‏أثبتت‏ ‏الدراسات‏ ‏والخبرات‏ ‏البشرية‏ ‏عدم‏ ‏صحته‏.. ‏وكما‏ ‏قال‏ ‏جون‏ ‏جاردنر‏ ‏ـ‏ ‏وزير‏ ‏الصحة‏ ‏الأمريكي‏ ‏السابق‏ ‏نحن‏ ‏خلقنا‏ ‏للتسلق‏ ‏لا‏ ‏للتريض‏ ‏فحسب‏.. ‏علي‏ ‏عكس‏ ‏النموذج‏ ‏السابق‏ ‏هناك‏ ‏من‏ ‏يشبهه‏ ‏الكاتب‏ ‏بشطيرة‏ ‏البرجر‏ ‏النباتية‏ ‏البحتة‏ ‏التي‏ ‏لا‏ ‏يشعر‏ ‏آكلها‏ ‏بأي‏ ‏نوع‏ ‏من‏ ‏المتعة‏ ‏أثناء‏ ‏تناولها‏ ‏وكأنه‏ ‏يتناول‏ ‏قطعا‏ ‏من‏ ‏الورق‏ ‏من‏ ‏فرط‏ ‏انعدام‏ ‏المذاق‏, ‏ولكنه‏ ‏يعلم‏ ‏أنها‏ ‏ستعود‏ ‏علي‏ ‏صحته‏ ‏في‏ ‏الأمد‏ ‏البعيد‏ ‏بالنفع‏.‏
 
وهذا‏ ‏النموذج‏ ‏شائع‏ ‏للغاية‏ ‏لدي‏ ‏الناجحين‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏مكان‏.. ‏وعلي‏ ‏هذا‏ ‏المنوال‏ ‏الخاطئ‏ ‏نربي‏ ‏أبناءنا‏ ‏للأسف‏ ‏الشديد‏ ‏ويطلق‏ ‏علي‏ ‏هذا‏ ‏الصنف‏ Rat Racer ‏أو‏ ‏النموذج‏ ‏اللاهث‏.‏
 
فنحن‏ ‏نشأنا‏ ‏ونربي‏ ‏أولادنا‏ ‏منذ‏ ‏أيام‏ ‏الدراسة‏ ‏علي‏ ‏أن‏ ‏أهم‏ ‏مقياس‏ ‏في‏ ‏الحياة‏ ‏هو‏ ‏تحقيق‏ ‏الدرجة‏ ‏النهائية‏ ‏في‏ ‏الامتحان‏, ‏ولا‏ ‏نولي‏ ‏اهتماما‏ ‏لاحساس‏ ‏الطفل‏ ‏بالتجربة‏ ‏واستمتاعه‏ ‏بمفردات‏ ‏الحياة‏ ‏حوله‏ ‏أو‏ ‏حتي‏ ‏المادة‏ ‏الدراسية‏, ‏وقد‏ ‏يحصل‏ ‏الطفل‏ ‏علي‏ ‏تلك‏ ‏الدرجة‏, ‏ثم‏ ‏علي‏ ‏التفوق‏ ‏نفسه‏ ‏في‏ ‏الجامعة‏ ‏ثم‏ ‏ينتقل‏ ‏هدفه‏ ‏إلي‏ ‏الحصول‏ ‏علي‏ ‏تلك‏ ‏الوظيفة‏ ‏ثم‏ ‏تلك‏ ‏الترقية‏ ‏ثم‏ ‏تلك‏ ‏التي‏ ‏تليها‏, ‏وفي‏ ‏كل‏ ‏مرة‏ ‏يهيأ‏ ‏للشخص‏ ‏أن‏ ‏السعادة‏ ‏القصوي‏ ‏هي‏ ‏في‏ ‏الهدف‏ ‏القادم‏, ‏وبالفعل‏ ‏قد‏ ‏يشعر‏ ‏بنوع‏ ‏من‏ ‏اليوفوريا‏, ‏ولكنها‏ ‏تشبه‏ ‏من‏ ‏يحمل‏ ‏حملا‏ ‏ثقيلا‏ ‏فيتركه‏ ‏أو‏ ‏يشعر‏ ‏بصداع‏ ‏فيتناول‏ ‏عقارا‏.‏
فالشعور‏ ‏الذي‏ ‏يتخيل‏ ‏المرء‏ ‏أنه‏ ‏سعادة‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏إلا‏ ‏الارتياح‏ ‏المؤقت‏ ‏عند‏ ‏ذهاب‏ ‏الهم‏ ‏والتوقف‏ ‏المؤقت‏ ‏لسلسلة‏ ‏التوتر‏, ‏وسرعان‏ ‏ما‏ ‏يذهب‏ ‏الشعور‏ ‏ويشعر‏ ‏المرء‏ ‏بالخوار‏ ‏وعدم‏ ‏الرضا‏ .. ‏فتبدأ‏ ‏سلسلة‏ ‏أخري‏ ‏من‏ ‏اللهاث‏ ‏وراء‏ ‏شيء‏ ‏قد‏ ‏يمنحه‏ ‏الحصول‏ ‏عليه‏ ‏هذا‏ ‏الشعور‏ ‏مرة‏ ‏أخري‏.. ‏وهكذا‏.‏
 
ولكن‏ ‏ينسي‏ ‏الإنسان‏ ‏أنه‏ ‏خسر‏ ‏الاستمتاع‏ ‏برحلة‏ ‏الوصول‏ .. ‏فالمهم‏ ‏هو‏ ‏الرحلة‏ ‏وليس‏ ‏الوصول‏ ‏إلي‏ ‏المحطة‏ ‏فحسب‏ .. ‏والسعادة‏ ‏الحقيقية‏ ‏لا‏ ‏تتأتي‏ ‏لهذا‏ ‏النوع‏ ‏من‏ ‏البشر‏.‏
النوع‏ ‏الثالث‏ ‏يشبه‏ ‏شطيرة‏ ‏الهامبرجر‏ ‏التي‏ ‏لا‏ ‏مذاق‏ ‏لها‏ ‏ولا‏ ‏تحمل‏ ‏فائدة‏ ‏مستقبلية‏.. ‏وهي‏ ‏نموذج‏ ‏بائس‏ ‏للبشر‏ ‏الذين‏ ‏يعيشون‏ ‏في‏ ‏الماضي‏, ‏وهو‏ ‏النموذج‏ ‏العدمي‏ Nihilism ‏الذي‏ ‏استسلم‏ ‏لأفكار‏ ‏سلبية‏ ‏اكتسبها‏ ‏من‏ ‏الماضي‏.. ‏فلا‏ ‏هو‏ ‏ينفق‏ ‏ما‏ ‏يسعده‏ ‏حاليا‏ ‏ولا‏ ‏يبحث‏ ‏عن‏ ‏أوجه‏ ‏شغف‏ ‏جديد‏.. ‏ولا‏ ‏هو‏ ‏يجد‏ ‏في‏ ‏نفسه‏ ‏طاقة‏ ‏للنظر‏ ‏إلي‏ ‏هدف‏ ‏يتحداه‏ ‏وحققه‏, ‏وبالطبع‏ ‏هو‏ ‏شخص‏ ‏بالغ‏ ‏التعاسة‏.. ‏ولسنا‏ ‏لهذه‏ ‏التعاسة‏ ‏خلقنا‏.‏

النموذج‏ ‏الرابع‏: ‏هو‏ ‏النموذج‏ ‏الذي‏ ‏تبتغيه‏.. ‏النموذج‏ ‏الذي‏ ‏يشبه‏ ‏الشطيرة‏ ‏التي‏ ‏يخلو‏ ‏مذاقها‏ ‏في‏ ‏الحاضر‏ ‏وتقدم‏ ‏النفع‏ ‏والصحة‏ ‏في‏ ‏المستقبل‏.‏

الحياة‏ ‏السعيدة
الاسلوب‏ ‏الرابع‏ ‏في‏ ‏انتهاج‏ ‏الحياة‏.. ‏هو‏ ‏أسلوب‏ ‏الحياة‏ ‏السعيدة‏ .. ‏وهو‏ ‏الذي‏ ‏يناقض‏ ‏تلك‏ ‏الأساليب‏ ‏الثلاثة‏ ‏السالف‏ ‏ذكرها‏, ‏وهو‏ ‏ما‏ ‏يغفل‏ ‏عنه‏ ‏الكثير‏ ‏من‏ ‏الناس‏ ‏للأسف‏.‏
ويشير‏ ‏الكاتب‏ ‏إلي‏ ‏الاحصائيات‏ ‏التي‏ ‏تقول‏ ‏بأن‏ ‏ثلث‏ ‏المراهقين‏ ‏في‏ ‏الولايات‏ ‏المتحدة‏ ‏الأمريكية‏ ‏يعانون‏ ‏بدرجة‏ ‏أو‏ ‏أخري‏ ‏من‏ ‏الاكتئاب‏ ‏والذي‏ ‏يفتح‏ ‏أبواب‏ ‏ما‏ ‏يظنه‏ ‏الناس‏ ‏بدائل‏ ‏يلوذون‏ ‏بها‏ ‏كالمخدرات‏ ‏والعقاقير‏ ‏والفكر‏ ‏المتطرف‏.‏

القاعدة‏ ‏الاساسية‏ ‏التي‏ ‏تنبني‏ ‏عليها‏ ‏سنوات‏ ‏من‏ ‏السعادة‏ ‏الحقيقية‏ ‏هي‏ ‏أن‏ ‏يضع‏ ‏الإنسان‏ ‏دائما‏ ‏نصب‏ ‏عينيه‏ ‏كل‏ ‏مراحل‏ ‏حياته‏ ‏أهدافا‏ ‏يحققها‏ ‏ويؤمن‏ ‏بجدواها‏.. ‏فبدون‏ ‏وجود‏ ‏هدف‏ ‏يحدث‏ ‏الخواء‏ ‏الذي‏ ‏تحدثنا‏ ‏عنه‏.. ‏والهدف‏ ‏قد‏ ‏يكون‏ ‏بسيطا‏ ‏وقصير‏ ‏الأجل‏ ‏مثل‏ ‏شراء‏ ‏شيء‏ ‏ما‏.. ‏أو‏ ‏مرحليا‏ ‏كتحقيق‏ ‏النجاح‏ ‏في‏ ‏مرحلة‏ ‏ما‏.. ‏أو‏ ‏طويل‏ ‏الأمد‏ ‏فيما‏ ‏يتعلق‏ ‏بالآمال‏ ‏الكبيرة‏, ‏ولكن‏ ‏مهما‏ ‏اختلف‏ ‏الهدف‏ ‏فيجب‏ ‏مراعاة‏ ‏قاعدتين‏ ‏أساسيتين‏ .. ‏القاعدة‏ ‏الأولي‏ ‏هي‏ ‏انتقاء‏ ‏ما‏ ‏يتماشي‏ ‏مع‏ ‏الشغف‏ ‏الأساسي‏ ‏للإنسان‏ ‏ـ‏ ‏والقاعدة‏ ‏الثانية‏ ‏هي‏ ‏الاستمتاع‏ ‏بكل‏ ‏مفردات‏ ‏وخطوات‏ ‏الوصول‏ ‏إلي‏ ‏هذا‏ ‏الهدف‏.‏

ويحكي‏ ‏الكاتب‏ ‏عن‏ ‏تجربة‏ ‏شخصية‏ ‏له‏ ‏قام‏ ‏فيها‏ ‏بمرافقة‏ ‏بعض‏ ‏رهبان‏ ‏التبت‏ ‏إلي‏ ‏رحلة‏ ‏تسلق‏ ‏لجبال‏ ‏الهيمالايا‏.. ‏وفي‏ ‏حين‏ ‏كان‏ ‏ــ‏ ‏وهو‏ ‏في‏ ‏عمر‏ ‏الشباب‏ ‏ــ‏ ‏يتصبب‏ ‏تعبا‏ ‏وإرهاقا‏ ‏أثناء‏ ‏الصعود‏ ‏لأن‏ ‏تركيزه‏ ‏كله‏ ‏كان‏ ‏علي‏ ‏إنجاز‏ ‏المهمة‏, ‏وصل‏ ‏الرهبان‏ ‏إلي‏ ‏النقطة‏ ‏نفسها‏ ‏التي‏ ‏وصل‏ ‏هو‏ ‏إليها‏, ‏ولكن‏ ‏بيسر‏ ‏وخفة‏ ‏لأنهم‏ ‏رغم‏ ‏تركيزهم‏ ‏علي‏ ‏الهدف‏ ‏لم‏ ‏ينسوا‏ ‏الاستمتاع‏ ‏بكل‏ ‏ما‏ ‏حولهم‏ ‏والتواصل‏ ‏معا‏ ‏طوال‏ ‏الطريق‏.‏

من‏ ‏المؤكد‏ ‏أن‏ ‏وجود‏ ‏هدف‏ ‏هو‏ ‏أحد‏ ‏أركان‏ ‏السعادة‏, ‏ولكن‏ ‏هناك‏ ‏شروطا‏ ‏أساسية‏ ‏تساعد‏ ‏علي‏ ‏خلق‏ ‏حالة‏ ‏من‏ ‏الامتلاء‏ ‏النفسي‏ ‏والرضا‏ ‏أثناء‏ ‏السعي‏ ‏لتحقيق‏ ‏هذا‏ ‏الهدف‏.. ‏منها‏ ‏أن‏ ‏يرتبط‏ ‏بالآخرين‏ ‏والعلاقات‏ ‏المتداولة‏ ‏بين‏ ‏المرء‏  ‏ومن‏ ‏حوله‏.. ‏وبالتواصل‏ ‏والتنمية‏ ‏والمساعدة‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏ارتباط‏ ‏الهدف‏ ‏بمجرد‏ ‏تحقيق‏ ‏ثروة‏ ‏أو‏ ‏جاه‏ ‏أو‏ ‏شهرة‏.. ‏ومنها‏ ‏أن‏ ‏يتماشي‏ ‏مع‏ ‏ميول‏ ‏الشخص‏ ‏الأساسية‏ ‏ولا‏ ‏يقلل‏ ‏من‏ ‏قدراته‏ ‏ولا‏ ‏يعوقها‏ ‏بشكل‏ ‏يصل‏ ‏إلي‏ ‏التعجيز‏.‏

ومن‏ ‏أجل‏ ‏تحديد‏ ‏الهدف‏ ‏الذي‏ ‏يبتغيه‏ ‏الإنسان‏.. ‏يعرف‏ ‏علماء‏ ‏النفس‏ ‏تقنية‏ ‏يطلقون‏ ‏عليها‏ ‏إكمال‏ ‏الجملة‏ ‏الناقصة‏ ‏وهي‏ ‏أسلوب‏ ‏استحدثه‏ ‏ناثان‏ ‏براندون‏.. ‏الطبيب‏ ‏النفسي‏ ‏الشهير‏ ‏لمساعدة‏ ‏الناس‏ ‏علي‏ ‏فهم‏ ‏حقيقة‏ ‏ما‏ ‏يريدون‏.. ‏وفيها‏ ‏يقوم‏ ‏الإنسان‏ ‏بإكمال‏ ‏عدد‏ ‏من‏ ‏الجمل‏ ‏الناقصة‏ ‏بسرعة‏ ‏وبدون‏ ‏تفكير‏ ‏لإخراج‏ ‏ما‏ ‏في‏ ‏عقله‏ ‏الباطن‏ ‏وبتأمل‏ ‏إجاباته‏ ‏يمكن‏ ‏انتقاء‏ ‏أحلامه‏ ‏وأهدافه‏ ‏أو‏ ‏علي‏ ‏الأقل‏ ‏الاقتراب‏ ‏منها‏ ‏ومن‏ ‏هذه‏ ‏الجمل‏:‏
 
الأشياء‏ ‏الخمسة‏ ‏التي‏ ‏تسعدني‏ ‏هي‏:‏
‏* ‏لو‏ ‏كنت‏ ‏أكثر‏ ‏صدقا‏ ‏مع‏ ‏نفسي‏ ‏لكنت‏ ‏فعلت
‏* ‏لو‏ ‏كنت‏ ‏أكثر‏ ‏وعيا‏ ‏سأفعل
‏* ‏لو‏ ‏أردت‏ ‏أن‏ ‏أقول‏ ‏نعم‏ ‏أو‏ ‏لا‏ ‏لخمسة‏ ‏أشياء‏ ‏لكانت
‏* ‏أكثر‏ ‏الأمور‏ ‏التي‏ ‏احترمها‏ ‏في‏ ‏الحياة‏ ‏هي
وهكذا‏.. ‏ولكل‏ ‏جذر‏ ‏جملة‏ ‏يتم‏ ‏الإجابة‏ ‏بأكثر‏ ‏من‏ ‏نهاية‏ ‏ثم‏ ‏التأمل‏ ‏فيها‏ ‏وانتقاء‏ ‏ما‏ ‏يتقاطع‏ ‏منها‏ ‏معا‏.‏
التأمل‏ ‏والعادات
كذلك‏ ‏يشير‏ ‏الكتاب‏ ‏إلي‏ ‏نقطة‏ ‏بالغة‏ ‏الأهمية‏ ‏في‏ ‏مجال‏ ‏الاستمرارية‏ ‏علي‏ ‏طريق‏ ‏تحقيق‏ ‏السعادة‏, ‏وهي‏ ‏جزئية‏ ‏يعرفها‏ ‏جيدا‏ ‏علماء‏ ‏النفس‏ ‏خصوصا‏ ‏بآلية‏ ‏التغيير‏.‏
فأي‏ ‏هدف‏ ‏يتطلع‏ ‏إليه‏ ‏الإنسان‏ ‏يتطلب‏ ‏شيئا‏ ‏من‏ ‏العمل‏ ‏لتحقيقه‏ ‏وهذا‏ ‏في‏ ‏ذاته‏ ‏تغيير‏ ‏في‏ ‏نمط‏ ‏السلوك‏ ‏بالزيادة‏ ‏أو‏ ‏النقصان‏.. ‏وهنا‏ ‏يقول‏ ‏علماء‏ ‏النفس‏ ‏إنه‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏استمرار‏ ‏هذا‏ ‏التغيير‏ ‏وإحداثه‏ ‏نوعا‏ ‏من‏ ‏الطمأنينة‏ ‏والسعادة‏ ‏لصاحبه‏ ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏يحوله‏ ‏الإنسان‏ ‏إلي‏ ‏عادات‏ ‏أو‏ ‏طقوس‏.. ‏فمثلا‏ ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏الهدف‏ ‏هو‏ ‏بداية‏ ‏ممارسة‏ ‏رياضة‏ ‏جديدة‏ ‏والتفوق‏ ‏فيها‏ .. ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏يتحقق‏ ‏ذلك‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏مواعيد‏ ‏ثابتة‏ ‏في‏ ‏أوقات‏ ‏بعينها‏ ‏وأماكن‏ ‏بعينها‏ .. ‏وإذا‏ ‏كان‏ ‏الهدف‏ ‏الدراسة‏ ‏فيجب‏ ‏أن‏ ‏تأتي‏ ‏المذاكرة‏ ‏في‏ ‏شكل‏ ‏طقوس‏ ‏اعتيادية‏, ‏فذلك‏ ‏النظام‏ ‏والترتيب‏ ‏من‏ ‏شأنهما‏ ‏إنجاز‏ ‏المهمة‏, ‏وفي‏ ‏الوقت‏ ‏ذاته‏ ‏خلق‏ ‏نوع‏ ‏من‏ ‏الثقة‏ ‏والطمأنينة‏ ‏لدي‏ ‏صاحبه‏.‏

والخلاصة‏: ‏أن‏ ‏أفضل‏ ‏أنواع‏ ‏التغيير‏ ‏الذي‏ ‏يخلق‏ ‏سعادة‏ ‏يأتي‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏خلق‏ ‏عادات‏.. ‏المهم‏ ‏هنا‏ ‏هو‏ ‏ألا‏ ‏يتم‏ ‏إقحام‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏عادة‏ ‏أو‏ ‏اثنتين‏ ‏علي‏ ‏حياة‏ ‏المرء‏ ‏في‏ ‏الوقت‏ ‏ذاته‏, ‏وإنما‏ ‏يتم‏ ‏ادخال‏ ‏المزيد‏ ‏من‏ ‏العادات‏ ‏كلما‏ ‏أصبح‏ ‏القديم‏ ‏منها‏ ‏جزءا‏ ‏من‏ ‏حياة‏ ‏الإنسان‏.‏

وهنا‏ ‏يشير‏ ‏أيضا‏ ‏إلي‏ ‏أهمية‏ ‏اكتساب‏ ‏عادتين‏ ‏من‏ ‏شأنهما‏ ‏بث‏ ‏الهدوء‏ ‏النفسي‏ ‏والسعادة‏ ‏لدي‏ ‏الإنسان‏.‏
أولاهما‏ ‏هي‏ ‏عادة‏ ‏التأمل‏ ‏والمقصود‏ ‏بها‏ ‏أن‏ ‏ينتقي‏ ‏الإنسان‏ ‏مكانا‏ ‏هادئا‏ ‏في‏ ‏نصف‏ ‏ساعة‏ ‏يوميا‏ ‏يجلس‏ ‏فيه‏ ‏جلسة‏ ‏مريحة‏ ‏ويركز‏ ‏نظره‏ ‏علي‏ ‏نقطة‏ ‏بعيدة‏ ‏في‏ ‏هدوء‏ ‏بعيدا‏ ‏عن‏ ‏صخب‏ ‏الناس‏, ‏ثم‏ ‏يبدأ‏ ‏في‏ ‏الاستنشاق‏ ‏بعمق‏ ‏والعد‏ ‏من‏ ‏واحد‏ ‏إلي‏ ‏خمسة‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏يتم‏ ‏اخراج‏ ‏النفس‏ ‏ببطء‏.. ‏وأيضا‏ ‏وفي‏ ‏هذه‏ ‏الاثناء‏ ‏عليه‏ ‏ألا‏ ‏يفكر‏ ‏سوي‏ ‏في‏ ‏النفس‏ ‏الداخل‏ ‏يمزيد‏ ‏من‏ ‏الأكسجين‏ ‏إلي‏ ‏كل‏ ‏جزئية‏ ‏من‏ ‏جسده‏ .. ‏ثم‏ ‏استحضار‏ ‏التجارب‏ ‏السعيدة‏ ‏والتفكير‏ ‏فيها‏ ‏أثناء‏ ‏هذه‏ ‏العملية‏ ‏التأمل‏ ‏بهذه‏ ‏الطريقة‏ ‏كفيل‏ ‏بأن‏ ‏يخلص‏ ‏الإنسان‏ ‏من‏ ‏الضغوط‏ ‏والتوتر‏.‏

العادة‏ ‏الثانية‏ ‏هي‏ ‏ما‏ ‏يطلق‏ ‏عليه‏ ‏علماء‏ ‏النفس‏ ‏مصطلح‏ ‏العرفان‏ ‏والشكر‏ ‏وذلك‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏تخلد‏ ‏إلي‏ ‏النوم‏.. ‏وهي‏ ‏استحضار‏ ‏بعض‏ ‏الأشياء‏ ‏التي‏ ‏أسعدتك‏ ‏وأشعرتك‏ ‏بالامتلاء‏ ‏النفسي‏ ‏في‏ ‏فترات‏ ‏سابقة‏ ‏والتفكير‏ ‏في‏ ‏شعورك‏ ‏في‏ ‏أثنائها‏ ‏ثم‏ ‏استحضار‏ ‏الأشياء‏ ‏التي‏ ‏حققت‏ ‏الشعور‏ ‏نفسه‏ ‏أثناء‏ ‏النوم‏ ‏مهما‏ ‏بدت‏ ‏بسيطة‏ ‏ومهما‏ ‏بدت‏ ‏امرا‏ ‏مسلما‏ ‏به‏.. ‏كابتسامة‏ ‏طفل‏ ‏أو‏ ‏رؤية‏ ‏شيء‏ ‏جديد‏ ‏أو‏ ‏سماع‏ ‏كلمة‏ ‏جميلة‏.. ‏وكلما‏ ‏ركز‏ ‏المرء‏ ‏في‏ ‏الشعور‏ ‏بالعرفان‏ ‏والشكر‏ ‏لوجود‏ ‏هذه‏ ‏الأشياء‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏ويومه‏ ‏شعر‏ ‏بسعادة‏ ‏أكبر‏ .. ‏وكلما‏ ‏شارك‏ ‏المرء‏ ‏أهدافه‏ ‏وأحلامه‏ ‏الدوائر‏ ‏الانسانية‏ ‏حوله‏ ‏كان‏ ‏أكثر‏ ‏سعادة‏.. ‏وفي‏ ‏المجالات‏ ‏الثلاثة‏ ‏الأهم‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏الإنسان‏ ‏وهي‏ ‏التعليم‏ ‏والعمل‏ ‏والعلاقات‏ ‏الإنسانية‏.‏

يحاول‏ ‏الكاتب‏ ‏تطبيق‏ ‏هذه‏ ‏القواعد‏ ‏حتي‏ ‏يحيا‏ ‏الإنسان‏ ‏حالة‏ ‏صدق‏ ‏مع‏ ‏نفسه‏..  ‏فيحب‏ ‏ما‏ ‏يعمل‏ ‏ومن‏ ‏حوله‏ ‏ويعمل‏ ‏ما‏ ‏يحب‏.‏

السعادة‏ ‏والتعليم‏ ‏
أول‏ ‏التطبيقات‏ ‏التي‏ ‏يتناولها‏ ‏الكتاب‏ ‏للأطر‏ ‏السابقة‏ ‏في‏ ‏تحقيق‏ ‏السعادة‏ ‏هو‏ ‏فيما‏ ‏يتعلق‏ ‏بالتعليم‏, ‏ويشير‏ ‏في‏ ‏البداية‏ ‏إلي‏ ‏الكتاب‏ ‏الشهير‏ ‏الذكاء‏ ‏الاجتماعي‏ ‏الذي‏ ‏كتب‏ ‏فيه‏ ‏دانييل‏ ‏جولدمان‏ ‏أن‏ ‏كل‏ ‏الدراسات‏ ‏تؤكد‏ ‏أن‏ ‏النجاح‏ ‏لايمثل‏ ‏الذكاء‏ ‏فيه‏ ‏سوي‏ ‏عشرين‏ ‏في‏ ‏المائة‏ ‏فقط‏ ‏كمكون‏ ‏أساسي‏, ‏أما‏ ‏الثمانون‏ ‏في‏ ‏المائة‏ ‏الأخري‏ ‏فلأسباب‏ ‏أخري‏ ‏منها‏ ‏الذكاء‏ ‏الاجتماعي‏, ‏وينتقد‏ ‏الكاتب‏ ‏الأسلوب‏ ‏الذي‏ ‏تتبعه‏ ‏المدارس‏ ‏في‏ ‏تحفيز‏ ‏الأطفال‏ ‏في‏ ‏المراحل‏ ‏الدراسية‏ ‏والذي‏ ‏يركز‏ ‏فقط‏ ‏علي‏ ‏التقيير‏ ‏طبقا‏ ‏للدرجات‏ ‏النهائية‏ ‏في‏ ‏الدراسية‏ ‏ولا‏ ‏يغرس‏ ‏في‏ ‏الأطفال‏ ‏مفهوم‏ ‏أهمية‏ ‏الاختيار‏ ‏وانتقاء‏ ‏المناسب‏ ‏لكل‏ ‏منهم‏ ‏والاستمتاع‏ ‏بحيوية‏ ‏الأداء‏ ‏والتجرية‏, ‏فتكون‏ ‏النتجة‏ ‏هي‏ ‏أننا‏ ‏نساهم‏ ‏في‏ ‏تحويل‏ ‏أجيال‏ ‏متتابعة‏ ‏إلي‏  ‏نمط‏ ‏لهاث‏ ‏الفئران‏ ‏وهم‏ ‏ينمون‏ ‏بين‏ ‏يدينا‏. ‏أهم‏ ‏نقطة‏ ‏تناولها‏ ‏الكاتب‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏القسم‏ ‏هو‏ ‏تقنية‏ FIOW  ‏التي‏ ‏تبنتها‏ ‏عالمة‏ ‏النفس‏ ‏ميهالي‏ ‏تيسنمالي‏ ‏في‏ ‏تحقيق‏ ‏التجربة‏ ‏التعليمية‏ ‏المحققة‏ ‏لأكبر‏ ‏قدر‏ ‏من‏ ‏الإفادة‏ ‏والسعادة‏ ‏والتي‏ ‏تعتبر‏ ‏نموذجية‏ ‏لتربية‏ ‏أطفالنا‏, ‏وللأجيال‏ ‏الأخري‏ ‏الأكبر‏ ‏سنا‏ ‏أيضا‏. ‏تنفيذ‏ FIOW  ‏التي‏ ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏يتبناها‏ ‏القائمون‏ ‏علي‏ ‏التعليم‏ ‏بداية‏ ‏تؤكد‏ ‏أن‏ ‏وجود‏ ‏هدف‏ ‏أو‏ ‏غاية‏ ‏شيء‏ ‏أساسي‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الإنجاز‏ ‏والسعادة‏ ‏أثناء‏ ‏التعليم‏, ‏ولكن‏ ‏في‏ ‏الوقت‏ ‏ذاته‏ ‏ليس‏ ‏صحيحا‏ ‏ما‏ ‏توارثته‏ ‏الأفكار‏ ‏أن‏ ‏أكبر‏ ‏مكسب‏ ‏في‏ ‏التعليم‏ ‏لا‏ ‏يتحقق‏ ‏إلا‏ ‏بتعمد‏ ‏الألم‏ ‏ونكران‏ ‏الذات‏, ‏وهذا‏ ‏ما‏ ‏تبرزه‏ ‏تقنية‏FIOW  ‏التي‏ ‏تربط‏ ‏ما‏ ‏بين‏ ‏مستوي‏ ‏المهارة‏ ‏لدي‏ ‏الشخص‏ ‏ودرجة‏ ‏صعوبة‏ ‏المهمة‏ ‏أو‏ ‏المادة‏ ‏التعليمية‏ ‏وكان‏ ‏مستوي‏ ‏المهارة‏ ‏أو‏ ‏القدرة‏ ‏لا‏ ‏يتناسب‏ ‏ويقل‏ ‏كثيرا‏ ‏عن‏ ‏المطلوب‏, ‏أدي‏ ‏ذلك‏ ‏إلي‏ ‏إصابة‏ ‏الطالب‏ ‏بالقلق‏ ‏والتوتر‏ ‏المستمر‏ ‏وهذا‏ ‏بدوره‏ ‏يداخله‏ ‏في‏ ‏حالة‏ ‏اللهاث‏ ‏الخائف‏ ‏دوما‏ ‏ولا‏ ‏يحقق‏ ‏له‏ ‏السعادة‏ ‏في‏ ‏التعليم‏ ‏بالتالي‏ ‏إلي‏ ‏قمة‏ ‏الإنجاز‏, ‏علي‏ ‏الجانب‏ ‏الآخر‏, ‏إذا‏ ‏ما‏ ‏تهاون‏ ‏القائمون‏ ‏علي‏ ‏التعليم‏ ‏في‏ ‏إمداد‏ ‏الطالب‏ ‏بمواد‏ ‏أومهمات‏ ‏تتناسب‏ ‏مع‏ ‏قدراته‏ ‏العملية‏ ‏والإنسانية‏ ‏وتقل‏ ‏عنها‏ ‏فهذا‏ ‏يدخله‏ ‏في‏ ‏نطاق‏ ‏الشعور‏ ‏بالملل‏ ‏وفقدان‏ ‏الإحساس‏ ‏بالتحدي‏ ‏أو‏ ‏الرغبة‏ ‏في‏ ‏إنجاز‏ ‏غاية‏ ‏ما‏, ‏فالمبالغة‏ ‏بشكل‏ ‏عام‏ ‏ـ‏ ‏ظنا‏ ‏منا‏ ‏أن‏ ‏من‏ ‏شأنها‏ ‏أن‏ ‏تسعد‏ ‏أبناءنا‏ ‏ـ‏ ‏في‏ ‏إزالة‏ ‏أي‏ ‏مصدر‏ ‏بذل‏ ‏جهد‏ ‏أمام‏ ‏الطفل‏ ‏تحرمه‏ ‏من‏ ‏التجربة‏ ‏الحقيقية‏ ‏لتحقيق‏ ‏السعادة‏ ‏والتي‏ ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏اختصار‏ ‏خطواتها‏, ‏هذه‏ ‏الخطوات‏ ‏تتضمن‏ ‏بذل‏ ‏الجهد‏ ‏والكفاح‏ ‏والإنجاز‏.‏

الخلاصة‏ ‏هي‏ ‏أن‏ ‏الحد‏ ‏الأمثل‏ ‏من‏ ‏السعادة‏ ‏والإنجاز‏ ‏الدراسي‏ ‏في‏ ‏الوقت‏ ‏ذاته‏ ‏أو‏ ‏تقنية‏ FIOW  ‏تؤكد‏ ‏أن‏ ‏القائمين‏ ‏علي‏ ‏التعليم‏ ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏يقدموا‏ ‏لكل‏ ‏طفل‏ ‏علي‏ ‏حدة‏ ‏وبحسب‏ ‏تكونيه‏ ‏الشخص‏ ‏وميوله‏ ‏وقدارته‏ ‏المهام‏ ‏التي‏ ‏تتوافق‏ ‏وتتساوي‏ ‏مع‏ ‏تلك‏ ‏القدارت‏, ‏بحيث‏ ‏لا‏ ‏تقل‏ ‏عنها‏ ‏فتصيبه‏ ‏بالملل‏ ‏وتحرمه‏ ‏من‏ ‏الرغبة‏ ‏في‏ ‏التحدي‏ ‏والإنجاز‏, ‏ولا‏ ‏تزيد‏ ‏عن‏ ‏قدراته‏ ‏فتكبله‏ ‏طوال‏ ‏مراحل‏ ‏دراسته‏ ‏بالتوتر‏ ‏والقلق‏ ‏والخوف‏. ‏وينهي‏ ‏الكاتب‏ ‏هذا‏ ‏القسم‏ ‏بتوصيات‏ ‏وخواطر‏ ‏بالغة‏ ‏الأهمية‏.‏
 
الخاطرة‏ ‏الأولي‏ ‏هي‏ ‏أنه‏ ‏كما‏ ‏قال‏ ‏الفيلسوف‏ ‏والاقتصادي‏ ‏القديم‏ ‏آدم‏ ‏سميت‏: ‏المشاعر‏ ‏الإنسانية‏ ‏من‏ ‏فرح‏ ‏وحزن‏ ‏هي‏ ‏أكبر‏ ‏عنصر‏ ‏مساواة‏ ‏بين‏ ‏البشر‏, ‏لذلك‏ ‏لا‏ ‏تقس‏ ‏علي‏ ‏نفسك‏ ‏إذا‏ ‏ما‏ ‏شعرت‏ ‏بشيء‏ ‏من‏ ‏الحزن‏ ‏ولا‏ ‏تكن‏ ‏كغالبية‏ ‏المرضي‏ ‏النفسيين‏ ‏من‏ ‏الأغنياء‏ ‏الذين‏ ‏يلومون‏ ‏أنفسهم‏ ‏إذا‏ ‏ما‏ ‏لم‏ ‏يشعروا‏ ‏بالسعادة‏ ‏القصوي‏ ‏في‏ ‏بعض‏ ‏الأحيان‏ ‏لأن‏ ‏المجتمع‏ ‏يضغط‏ ‏عليهم‏ ‏ولا‏ ‏يعطيهم‏ ‏عذرا‏ ‏للشجن‏, ‏فشيء‏ ‏من‏ ‏الحزن‏ ‏أو‏ ‏السكون‏ ‏لابد‏ ‏وأن‏ ‏يلم‏ ‏بأي‏ ‏شخص‏ ‏في‏ ‏فترة‏ ‏من‏ ‏حياته‏, ‏المهم‏ ‏عدم‏ ‏الاستسلام‏ ‏له‏ ‏والتعامل‏ ‏بإيجابية‏, ‏تذكر‏ ‏أنك‏ ‏إنسان‏ ‏وأعط‏ ‏نفسك‏ ‏فرصة‏ ‏وهامشا‏ ‏لأي‏ ‏مشاعر‏ ‏حتي‏ ‏تأخذ‏ ‏مجراها‏, ‏ولكن‏ ‏علي‏ ‏الجانب‏ ‏الآخر‏ ‏حاول‏ ‏الاستفادة‏ ‏من‏ ‏أي‏ ‏مصاعب‏ ‏تقابلها‏ ‏واسال‏ ‏نفسك‏ ‏الأسئلة‏ ‏التالية‏ ‏بعد‏ ‏كل‏ ‏محنة‏: ‏هل‏ ‏استفدت‏ ‏درسا؟‏ ‏هل‏ ‏أصبحت‏ ‏أكثر‏ ‏احتمالا‏ ‏من‏ ‏ذلك‏ ‏قبل‏ ‏وأكثر‏ ‏قوة؟‏ ‏هل‏ ‏أصبحت‏ ‏أكثر‏ ‏تقديرا‏ ‏للحياة‏ ‏أو‏ ‏لأمور‏ ‏بعينها‏ ‏من‏ ‏ذي‏ ‏قبل؟‏ ‏ضع‏ ‏نصب‏ ‏عينك‏ ‏هدفا‏ ‏هو‏ ‏أنك‏ ‏لن‏ ‏تسمح‏ ‏لمحنة‏ ‏أو‏ ‏مأساة‏ ‏أن‏ ‏تذهب‏ ‏هباء‏ ‏بدون‏ ‏أن‏ ‏تجعل‏ ‏منك‏ ‏إنسانا‏ ‏أفضل‏, ‏وتذكر‏ ‏أنه‏ ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏منع‏ ‏الصعاب‏ ‏ولكن‏ ‏يمكنا‏ ‏أن‏ ‏نطوعها‏ ‏لنجد‏ ‏فيها‏ ‏ما‏ ‏يفيد‏.‏

التوصية‏ ‏التي‏ ‏ينتهي‏ ‏بها‏ ‏هذا‏ ‏القسم‏ ‏هي‏ ‏أن‏ ‏أكثر‏ ‏الأشخاص‏ ‏نجاحا‏ ‏هم‏ ‏الذين‏ ‏يتعلمون‏ ‏طوال‏ ‏الوقت‏, ‏مها‏ ‏يكن‏ ‏سنك‏ ‏أو‏ ‏وضعك‏ ‏الاجتماعي‏, ‏ضع‏ ‏نصب‏ ‏عينك‏ ‏كل‏ ‏حين‏ ‏وآخر‏ ‏شيئا‏ ‏آخرا‏ ‏تتعلمه‏ ‏وقسم‏ ‏ذلك‏ ‏إلي‏ ‏قسمين‏, ‏الأول‏ ‏تعليم‏ ‏يتصل‏ ‏بمجال‏ ‏عملك‏ ‏ويفيدك‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الصدد‏ ‏والآخر‏ ‏لحياتك‏ ‏الشخصية‏ ‏وبناء‏ ‏نفسك‏ ‏ولا‏ ‏تنس‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الصدر‏ ‏القاعدتين‏ ‏الأكثر‏ ‏أهمية‏ ‏في‏ ‏بناء‏ ‏السعادة‏: ‏انتق‏ ‏ما‏ ‏تجد‏ ‏فيه‏ ‏شغفا‏ ‏وما‏ ‏تحبه‏ ‏لتدرسه‏ ‏وتعامل‏ ‏مع‏ ‏ذلك‏ ‏التعليم‏ ‏كتغيير‏ ‏يجب‏ ‏إدماجه‏ ‏في‏ ‏حياتك‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏تحويله‏ ‏إلي‏ ‏عادة‏ ‏بتوقيت‏ ‏واستمرارية‏.‏

السعادة‏ ‏في‏ ‏العمل
يقول‏ ‏عالم‏ ‏النفس‏ ‏ريتشارد‏ ‏هاكمان‏ ‏إن‏ ‏كل‏ ‏صاحب‏ ‏عمل‏ ‏قادر‏ ‏علي‏ ‏جعل‏ ‏موظفيه‏ ‏سعداء‏ ‏في‏ ‏عملهم‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏أمور‏ ‏ثلاثة‏: ‏أن‏ ‏ينتقي‏ ‏لكل‏ ‏موظف‏ ‏المهمة‏ ‏التي‏ ‏تخرج‏ ‏كل‏ ‏طاقاته‏, ‏وأن‏ ‏يوكل‏ ‏المهمة‏ ‏متكاملة‏ ‏للشخص‏ ‏لا‏ ‏يجتزئها‏, ‏وأن‏ ‏يعطي‏ ‏الانطباع‏ ‏للموظف‏ ‏بأن‏ ‏عمله‏ ‏ممها‏ ‏يكن‏ ‏صغيرا‏ ‏فإن‏ ‏له‏ ‏أكبر‏ ‏الأثر‏ ‏علي‏ ‏الآخرين‏ ‏في‏ ‏محيط‏ ‏العمل‏. ‏ولكن‏ ‏لأن‏ ‏الرياح‏ ‏لا‏ ‏تأتي‏ ‏دائما‏ ‏بما‏ ‏تشتهيه‏ ‏السفن‏ ‏ليس‏ ‏من‏ ‏قبيل‏ ‏العموم‏ ‏أن‏ ‏يوجد‏ ‏مثل‏ ‏هذه‏ ‏الأنواع‏ ‏من‏ ‏أرباب‏ ‏العمل‏, ‏والسعادة‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏المجال‏ ‏تأتي‏ ‏من‏ ‏نقطة‏ ‏البداية‏ ‏وهي‏ ‏الاختيار‏, ‏وينصح‏ ‏الكاتب‏ ‏الإنسان‏ ‏عندما‏ ‏ينتقي‏ ‏عملا‏ ‏بأن‏ ‏يبدأ‏ ‏بتخيل‏ ‏ثلاث‏ ‏دوائر‏, ‏الأولي‏: ‏الأشياء‏ ‏التي‏ ‏يجد‏ ‏فيها‏ ‏المرء‏ ‏هدفا‏ ‏ومعني‏ ‏في‏ ‏حياته‏, ‏والثانية‏ ‏تلك‏ ‏التي‏ ‏يجد‏ ‏فيها‏ ‏متعة‏, ‏والثالثة‏ ‏تلك‏ ‏التي‏ ‏يجد‏ ‏نفسه‏ ‏موهوبا‏ ‏وقادرا‏ ‏علي‏ ‏أدائها‏, ‏وأن‏ ‏ينفق‏ ‏المجال‏ ‏الذي‏ ‏تتقاطع‏ ‏فيه‏ ‏هذه‏ ‏الدوائر‏ ‏إذا‏ ‏استطاع‏ ‏أي‏ ‏المجال‏ ‏الذي‏ ‏يشبه‏ ‏مساحة‏ ‏التقاطع‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏الضعف‏ ‏والخصائص‏. ‏السؤال‏ ‏الذي‏ ‏يفرض‏ ‏نفسه‏ ‏هنا‏ ‏هو‏ ‏ماذا‏ ‏إذا‏ ‏وجد‏ ‏الإنسان‏ ‏نفسه‏ ‏في‏ ‏مهنة‏ ‏لا‏ ‏يحبها‏ ‏وبالتالي‏ ‏لا‏ ‏تشعره‏ ‏بالسعادة‏ ‏ولا‏ ‏يستطيع‏ ‏بسبب‏ ‏ظروف‏ ‏قهرية‏ ‏البحث‏ ‏عما‏ ‏يتواءم‏ ‏مع‏ ‏نفسيته‏ ‏وشغفه‏ ‏ـ‏ ‏وهو‏ ‏الحادث‏ ‏في‏ ‏أغلب‏ ‏تلك‏ ‏الحالات؟‏ ‏كيف‏ ‏تجعل‏ ‏من‏ ‏عملك‏ ‏هدفا‏ ‏في‏ ‏ذاته‏ ‏وليس‏ ‏مجرد‏ ‏مهنة‏ ‏أو‏ ‏وسيلة‏ ‏لجمع‏ ‏المال؟‏ ‏يقول‏ ‏علماء‏ ‏النفس‏ ‏إنه‏ ‏إذا‏ ‏ظن‏ ‏الإنسان‏ ‏أن‏ ‏كون‏ ‏العمل‏ ‏من‏ ‏وجهت‏ ‏نظر‏ ‏المجتمع‏ ‏ساميا‏ ‏في‏ ‏ذاته‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏يجعل‏ ‏صاحبه‏ ‏سعيدا‏, ‏هو‏ ‏خطأ‏ ‏كبير‏, ‏لأن‏ ‏المهم‏ ‏هنا‏ ‏هو‏ ‏رؤية‏ ‏الإنسان‏ ‏لعمله‏, ‏وأثبتت‏ ‏الدراسات‏ ‏أنه‏ ‏حتي‏ ‏في‏ ‏أكثر‏ ‏المهن‏ ‏بيروقراطية‏ ‏روتينيا‏ ‏يستطيع‏ ‏المرء‏ ‏أن‏ ‏يتعامل‏ ‏مع‏ ‏رؤيته‏ ‏لنفسه‏ ‏ولدوره‏ ‏فيها‏ ‏بحيث‏ ‏تملأ‏ ‏عليه‏ ‏حياته‏ ‏وتكسبه‏ ‏الرضا‏ ‏النفسي‏, ‏وضرب‏ ‏الكاتب‏ ‏مثلا‏ ‏باثنين‏ ‏من‏ ‏الذين‏ ‏يعملون‏ ‏في‏ ‏تنظيف‏ ‏المستشفيات‏, ‏أحدهما‏ ‏كان‏ ‏يشعر‏ ‏بتعاسة‏ ‏لتأدية‏ ‏العمل‏ ‏نفسه‏ ‏كل‏ ‏يوم‏, ‏والثاني‏ ‏كان‏ ‏يصف‏ ‏نفسه‏ ‏بأن‏ ‏قدميه‏ ‏لا‏ ‏تكاد‏ ‏أن‏ ‏تطأ‏ ‏الأرض‏ ‏من‏ ‏السعادة‏ ‏لأنه‏ ‏يعلم‏ ‏أن‏ ‏جزءا‏ ‏من‏ ‏خدمة‏ ‏الناس‏ ‏بتوفير‏ ‏مناخ‏ ‏من‏ ‏النظافة‏ ‏والنظام‏ ‏وأنه‏ ‏يلتقي‏ ‏مع‏ ‏أشخاص‏ ‏جدد‏ ‏كل‏ ‏مرة‏ ‏يدخل‏ ‏فيها‏ ‏مريض‏ ‏إلي‏ ‏المكان‏, ‏فيتواصل‏ ‏معهم‏ ‏ويخفف‏ ‏من‏ ‏ارتباكهم‏ ‏ويتعلم‏ ‏من‏ ‏آلامهم‏ ‏كيف‏ ‏يقدر‏ ‏النعم‏ ‏والمزايا‏ ‏التي‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏الخلاصة‏ ‏أنه‏ ‏إذا‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏من‏ ‏الإمكان‏ ‏تغيير‏ ‏العمل‏, ‏يمكن‏ ‏تغيير‏ ‏النظرة‏ ‏إليه‏ ‏من‏ ‏قبل‏ ‏الشخص‏ ‏نفسه‏ ‏ويمكن‏ ‏أيضا‏ ‏إضافة‏ ‏أوجه‏ ‏تزيده‏ ‏معني‏ ‏وعمقا‏ ‏كالتواصل‏ ‏مع‏ ‏الناس‏ ‏أو‏ ‏مساعدة‏ ‏من‏ ‏المكان‏, ‏والتركيز‏ ‏علي‏ ‏الشق‏ ‏الذي‏ ‏يسعد‏ ‏المرء‏ ‏في‏ ‏العمل‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏غيره‏ ‏وهكذا‏, ‏وبشكل‏ ‏عملي‏ ‏ينصح‏ ‏الكاتب‏ ‏كل‏ ‏ذي‏ ‏مهنة‏ ‏أن‏ ‏يكتب‏ ‏ورقة‏ ‏عليها‏ ‏عبارة‏ ‏هي‏ ‏مواصفات‏ ‏ومعني‏ ‏وجودي‏ ‏في‏ ‏المكان‏ ‏من‏ ‏وجهة‏ ‏نظره‏ ‏وأن‏ ‏يبدأ‏ ‏العمل‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏المنطلق‏ ‏لا‏ ‏من‏ ‏منطلق‏ ‏مواصفات‏ ‏المهنة‏ ‏الرسمية‏ ‏فحسب‏.‏

السعادة‏ ‏في‏ ‏العلاقات‏ ‏الإنسانية
اللورد‏ ‏بايرون‏ ‏كان‏ ‏أحد‏ ‏أهم‏ ‏الشعراء‏ ‏البريطانيين‏ ‏والذي‏ ‏اشتهر‏ ‏رغم‏ ‏إعاقة‏ ‏قدمه‏ ‏بوسامته‏ ‏الشديدة‏ ‏وقصصه‏ ‏مع‏ ‏النساء‏ ‏وأكثر‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏ذلك‏ ‏كلماته‏ ‏النافذة‏ ‏إلي‏ ‏الروح‏ ‏من‏ ‏فرط‏ ‏جمالها‏ ‏ورومانسيتها‏, ‏وهو‏ ‏القائل‏: ‏السعادة‏ ‏خلقت‏ ‏توءما‏, ‏لابد‏ ‏علي‏ ‏من‏ ‏يشعر‏ ‏بها‏ ‏أن‏ ‏يشاطرها‏ ‏مع‏ ‏غيره‏, ‏والفيلسوف‏ ‏فرانسيس‏ ‏بيكون‏ ‏قال‏ ‏إن‏ ‏الصداقة‏ ‏تضاعف‏ ‏السعادة‏ ‏وتشطر‏ ‏الحزن‏ ‏نصفين‏, ‏بينما‏ ‏أكدت‏ ‏كل‏ ‏الدراسات‏ ‏النفسية‏ ‏أن‏ ‏أهم‏ ‏عنصر‏ ‏في‏ ‏السعادة‏ ‏والاستقرار‏ ‏النفسي‏ ‏هو‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏الإنسان‏ ‏محاطا‏ ‏بعلاقات‏ ‏إنسانية‏ ‏واجتماعية‏ ‏عميقة‏ ‏وصادقة‏, ‏وهنا‏ ‏يؤكد‏ ‏الكاتب‏ ‏علي‏ ‏تطبيق‏ ‏النموذج‏ ‏الرابع‏ ‏من‏ ‏أصناف‏ ‏البشر‏ ‏لتحقيق‏ ‏العلاقات‏ ‏الناجحة‏, ‏فالترابط‏ ‏بين‏ ‏اثنين‏ ‏يجب‏ ‏حتي‏ ‏يحقق‏ ‏السعادة‏ ‏الحقيقية‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏ممتعا‏ ‏في‏ ‏ذاته‏ ‏وحينه‏ ‏ومفيدا‏ ‏لكل‏ ‏منهما‏ ‏في‏ ‏المستقبل‏, ‏وهذا‏ ‏في‏ ‏مرحلة‏ ‏الاختيار‏, ‏أما‏ ‏فيما‏ ‏بعد‏ ‏الاختيار‏ ‏فيقول‏ ‏الكاتب‏ ‏إن‏ ‏العلاقات‏ ‏التي‏ ‏مر‏ ‏عليها‏ ‏وقت‏ ‏طويل‏ ‏من‏ ‏الممكن‏ ‏أن‏ ‏تصبح‏ ‏أكثر‏ ‏إثباتا‏ ‏وتحقيقا‏ ‏للسعادة‏ ‏إذا‏ ‏ما‏ ‏ركز‏ ‏كل‏ ‏طرف‏ ‏علي‏ ‏معرفة‏ ‏الآخر‏ ‏بحق‏ ‏لا‏ ‏التأثير‏ ‏عليه‏ ‏أو‏ ‏محاولة‏ ‏كسب‏ ‏إعجابه‏ ‏كما‏ ‏هو‏ ‏الحال‏ ‏في‏ ‏البدايات‏, ‏فالمعرفة‏ ‏العميقة‏ ‏تجعل‏ ‏كل‏ ‏طرف‏ ‏أكثر‏ ‏إسعادا‏ ‏وتفهما‏ ‏لاحتياجات‏ ‏الطرف‏ ‏الآخر‏ ‏وهنا‏ ‏تكمن‏ ‏السعادة‏ ‏الأعمق‏, ‏كذلك‏ ‏يؤكد‏ ‏الكاتب‏ ‏ما‏ ‏تشير‏ ‏إليه‏ ‏كل‏ ‏الدراسات‏ ‏النفسية‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏العلاقات‏ ‏الناجحة‏ ‏هي‏ ‏تلك‏ ‏التي‏ ‏لا‏ ‏يأخذها‏ ‏اطرافها‏ ‏كأنها‏ ‏مسلم‏ ‏بها‏ ‏بل‏ ‏يعملون‏ ‏بجهد‏ ‏واهتمام‏ ‏علي‏ ‏تطويرها‏ ‏وتجديدها‏ ‏وأن‏ ‏يتفهم‏ ‏كل‏ ‏طرف‏ ‏احتياجات‏ ‏الآخر‏ ‏بوصفه‏ ‏كائنا‏ ‏له‏ ‏تركيبة‏ ‏مختلفة‏, ‏فالرجل‏ ‏يحتاج‏ ‏أن‏ ‏يبتعد‏ ‏قليلا‏ ‏ليقترب‏ ‏مرة‏ ‏أخري‏ ‏ويحتاج‏ ‏أن‏ ‏تقدم‏ ‏له‏ ‏المرأة‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏الإعجاب‏ ‏والاحترام‏ ‏والثقة‏ ‏وألا‏ ‏تقدم‏ ‏له‏ ‏النصح‏ ‏المباشر‏ ‏أو‏ ‏التوجيهات‏ ‏الصريحة‏, ‏هكذا‏ ‏هو‏, ‏بينما‏ ‏المرأة‏ ‏تحتاج‏ ‏في‏ ‏تقلباتها‏ ‏المستمرة‏ ‏أن‏ ‏يشعرها‏ ‏الرجل‏ ‏بأنه‏ ‏بجانبها‏ ‏دائما‏, ‏وألا‏ ‏يكتفي‏ ‏بإظهار‏ ‏مشاعره‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏الأفعال‏ ‏لأن‏ ‏المرأة‏ ‏تحب‏ ‏بأذنيها‏ ‏وتطمئن‏ ‏وتسكن‏ ‏بأذنيها‏ ‏أيضا‏ ‏قبل‏ ‏قلبها‏ ‏وأخيرا‏ ‏ينصح‏ ‏الكاتب‏ ‏بأن‏ ‏يقوم‏ ‏كل‏ ‏زوجين‏ ‏بخلق‏ ‏عادة‏ ‏علي‏ ‏فترات‏ ‏متساوية‏ ‏يقومان‏ ‏فيها‏ ‏بكتابة‏ ‏ورقة‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏منهما‏ ‏للآخر‏ ‏فيها‏ ‏ما‏ ‏أسعده‏ ‏وما‏ ‏يشعره‏ ‏به‏ ‏من‏ ‏امتنان‏ ‏من‏ ‏الطرف‏ ‏الآخر‏ ‏مهما‏ ‏يكن‏ ‏بسيطا‏ ‏ومع‏ ‏عدم‏ ‏التركيز‏ ‏علي‏ ‏ماهو‏ ‏سلبي‏.‏