آخر الأخبار

التواصل

دنيا البنات

17 سبتمبر 2010

للصابرين على البلاء








للصابرين على البلاء .




الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام علي رسوله الكريم المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه أمهات المؤمنين ، أرسله ربه بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ، بشيرا ونذيرا ، وداعيا إلي الله بإذنه وسراجا منيرا .




* الحياة لا تخلو من المحن والمصائب والدنيا معترك للامتحان والبلايا ، ليختبر الله عباده ويري ما في صدورهم من الصبر والتسليم ، فمخطيء من يظن أننا في نزهة نبحث فيها عن الاسترخاء ، ولا كل ما نريده يتحقق ولا كل ما نتمناه يكون ، ولابد من التضحية بالهوى لتستقيم النفس علي المطلوب ، الراحة فقط في طاعة الله ، فكن مع الله ولا تبالي .




من وصية لقمان لابنه : " واصبر علي ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور " .




نعم نحن بشر فينا الألم من البلاء والجزع إذا أصابنا الضر ، وإذا نظرنا برؤية المؤمن إلي البلاء نرى أن الله يبتلي من يحب ليرفع درجته ويمحو خطيئته حتي يخرج من الدنيا نقيا من الذنوب إلي رضوان الله ورحمته .




روي الترمذي عن أبي هريرة عن النبي قال : " ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة " . وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : " ما يصيب المؤمن من نصب ، ولا وصب ، ولا هم ، ولا حزن ، ولا أذى، ولا غم ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله من خطاياه " .




الأمر ليس في البلاء فكل الناس مبتلي ، وإنما الشأن في فهم البلاء والتعامل مع البلاء ببصيرة القلب ونور الإيمان ، فهناك من يسقط مع البلاء ولا يزداد إلا هما مع هم وغما مع غم ، وهناك من يخرج أقوي إيمانا وأرسخ يقينا وأحب إلي الله مما كان عليه ، ويبتلي المرء علي قدر دينه ، روي البخاري وأحمد والترمذي وابن ماجة عن سعد عن النبي قال :" أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الأرض وما عليه خطيئة " .






* أطرح عليكم سؤالا : أيهما أعظم مصيبة وأكبر بلاءا : من فقد ولده الصغير الذي لم يبلغ الحلم ؟ أم من فاتته صلاة الفجر في جماعة ؟ أيهما نقيم له المأتم ونتقبل العزاء ؟ الإجابة حاضرة يصدقها الواقع ، وهي أن فقد الأولاد يفتت الأكباد ، ولكن دعونا نتعلم من سنة حبيبنا ما يوسع قلوبنا وصدورنا لنستقبل أقدار الله في الحياة بفهم ووعي وبصيرة :




أخرج أحمد والترمذي وحسنه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي موسى قال: قال رسول الله :" إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته : قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون : نعم . فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم . فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع ، فيقول الله : ابنوا لعبدي بيتا في الجنة ، وسموه بيت الحمد " ، بيت الحمد في الجنة ليس لكل أحد بل لمن صبر علي فقد الأكباد . علي فقد الولد قبل الحلم ، ناهيك عما يفرح به يوم الحشر الأكبر عندما يستقبله ولده علي باب الجنة يقول : من هنا يا أبي من هنا يا أبي .




أما من ضيع صلاة الفجر فهل يستطيع أن يعيد دورة الفلك مرة أخري ليستدرك ويعوض ما فات وضاع منه ؟؟!!!




" إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب " ، " ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور " .










* الصبر عبادة يحبها الله ، فالله مع الصابرين والله يحب الصابرين ، ولكن هل الصبر يأس من الحياة وهروب من البلايا وخضوع واستسلام لواقع مر ومصائب لا حل لها ؟ لا والله بل هناك صبر الواثق من الفرج بعد الشدة ، فهناك دورة زمنية للبلاء لابد أن ينتهي عندها كما تنتهي دورة الليل والنهار ، لكل محنة أمد وتنتهي وهذا ما وعدنا به نبينا عندما علم ابن عباس فقال له : " تعرف إلي الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا " .




والإمامة في الدين لا تنال إلا بالصبر واليقين ، يوسف لو زلت قدمه في الخطيئة لما نادوا عليه في السجن : يوسف أيها الصديق ، ثم أصبح علي خزائن مصر بين ليلة وضحاها ، وجاء تعقيب القرآن علي هذا فقال : "إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين " ، وهذا درس يتعلمه الشباب ألا يبيعوا نزوة ساعة شهوة ساعة بالدون الرخيص الفاني ، وأن يستعلوا بإيمانهم علي كل شهوة حرام .




* هذه فوائد ومنافع عجيبة يخبر بها الفاروق عمر عن المنح التي جعلها الله في طي المحن ، قال : " ما ابتليت ببلية إلا كان للّه عليّ فيها أربع نعم : إذ لم تكن في ديني ، وإذ لم أحرم الرضا ، وإذ لم تكن أعظم منها ، وإذ رجوت الثواب عليها " .




كل مصائب الدنيا تهون إلا أن تكون المصيبة في الدين ، من ضاع ماله ضاعت تجارته ضاعت أسرته كل ذلك مأجور عليه إلا من ضاع دينه ، وكان من دعاء النبي : " اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا " رواه الترمذي عن ابن عمر .


* من قال هذا الدعاء عوضه الله مما فاته وأبدله من مصيبته خيرا ورزقا وفرجا وسرورا ، أخرج مسلم عن أم سلمة قالت : " سمعت رسول الله يقول : " ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها ، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها . قالت : فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله ، فأخلف الله لي خيرا منه ، رسول الله " .


* قد يحدث في الحياة ما يغيظك ويثير حفيظتك ونحن بشر نتأثر بالأفعال ولنا ردود أفعال ، ولكن المؤمن صبور لا تتحكم عواطفه وأهواؤه في انفعالاته وأفعاله ، فكيف هي ردود الأفعال ؟؟




المؤمن أمام واحدة من ثلاث :




· كظم الغيظ ، قال رسول الله " من كظم غيظا وهو قادر علي أن ينفذه دعاه الله علي رؤوس الخلائق يوم القيامة حتي يخيره من الحور العين ما شاء " رواه أبو داود والترمذي عن معاذ بن جبل .




· العفو عن المسيء .




· الإحسان إلي من أساء إلينا ، لماذا " والله يحب المحسنين " .




أبو ذر كان له غلام فكسر رجل شاة ، فلما سأله من كسر رجل هذه الشاة ؟ قال : أنا ، قال : ولم ؟ قال : لأغيظك فتضربني فتأثم !!! فقال أبو ذر : والله لأغيظن من أمرك بهذا ، اذهب فأنت حر لوجه الله .




أبو ذر بنور إيمانه علم كيف يقرأ الحدث ويتعامل معه بحكمة وبصيرة ، وكيف يجعل الشيطان هو المحسور ، ذلك لأنهم يراقبون الله في أعمالهم ، فليس للشيطان عليهم سبيل ، لأنه كلما وسوس بالشر وأغرى بالأذى يقومون بعمل الضد من هذا وهو العفو والإحسان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق